عليه كساء، فجاء حتى أخذ بشكيمة لجامه وهو منفرد، على يده بازي، فنفر البازي، فصاح عليه الغلمان، فقال: دعوه؛ فقال له: أيها الملك قف واسمع، فقال: قل، فقال:
إن السنان وحد السيف لو نطقا ... لحدثا عنك بين الناس بالعجب
أفنيت مالك تعطيه وتنهبه ... يا آفة الفضة البيضاء والذهب
فالتفت أبو الجيش إلى الخادم الذي معه الخريطة فقال: فرغها؛ قال: وكان رسم الخريطة خمس مئة دينار، ففرغها في كسائه؛ فقال له: أيها الملك، زدني، قال: فالتفت إلى الغلمان فقال لهم: اطرحوا سيوفكم ومناطقكم عليه، قال: فطرحوا، قال فقال له: أيها الملك، أثقلتني! فقال: أعطوه بغلاُ يحمله عليه، قال: فلما انصرف أمرني أن أعطي كل من طرح سيفه ومنطقته عليه سيفاً ومنطقة ذهب. قال: فصنعناها لهم ودفعناها إليهم.
قال محمد بن يوسف الطولوني: أراني فرهيوه كاتب ابن مهاجر ثبت ما حمل إلى الحضرة للمعتمد، وفرق في جماعة لأربع سنين أولهن سنة اثنتين وستين ومئتين وآخرهن سنة ست وستين ومئتين مما نفدت به سفاتج، ولم يظهر تفريقه، فكان في جملته ألفا ألف دينار ومئتا ألف دينار، يعني من جهة أحمد بن طولون. قال: فقلت له: أيما كان أوسع نفقةً أحمد أو أبو الجيش؟ قال: كان أبو الجيش أوسع صدراً، وأكثر نفقةً، وأحمد كان يجد في نفقته، وأبو الجيش يهزل فيها.
قال إبراهيم بن محمد بن صالح الدمشقي: كان أبو الجيش كثير اللواط بالخدم، معجبا به، مجترئاً في ذلك؛ وبلغ من أمره في اللواط بهم أنه دخل مع خدم له الحمام، فأراد من واحد منهم الفاحشة، فامتنع الخادم واستحيا من الخدم الذين معه في الحمام، فأمر أبو الجيش أن يدخل في دبر الخادم يد كرنيب غليظ مدور ففعل ذلك به، فما زال الخادم يضطرب ويصيح في الحمام حتى مات. فبغضه