وبالحري أن ينجو؛ وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة؛ ومن يكن في الدنيا ذليلاً حرم أن يكون شريفاً؛ ومن يختر الدنيا على الآخرة تفتنه الدنيا ولا يصيب ملك الآخرة. قال: فعجبت الملائكة من حسن منطقه. فنام نومةً، فغط بالحكمة غطاً، فانتبه فتكلم بها. ثم نودي داود بعده فقبلها ولم يشترط شرط لقمان؛ فهوى في الخطيئة غير مرة، وكل ذلك يصفح الله ويتجاوز ويغفر له. وكان لقمان يؤازره بالحكمة وعلمه؛ فقال له داود: طوبى لك يا لقمان. أوتيت الحكمة وصرفت عنك البلية. وأوتي داود الخلافة وابتلي بالرزية أو الفتنة ".
وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان داود يقول: اللهم إني أسألك حبك، وحب من يحبك، والعمل الذي يبلغني حبك؛ اللهم اجعل حبك أحب إلي من نفسي وأهلي، ومن الماء البارد. قال: وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا ذكر داود وحدث عنه قال: كان أعبد البشر.
وعن أنس بن مالك أن رجلاُ قال للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا خير الناس. قال: ذاك إبراهيم. قال: يا أعبد الناس. قال: ذاك داود.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قلت: يا رسول الله، إني رجل أسرد الصوم، أفأصوم الدهر؟ قال: لا، قلت: أفأصوم يومين وأفطر يوماً؟ قال: لا. قال: فجعلت أناقصه حتى قال لي: صم صوم داود، فإنه كان يصوم يوماً ويفطر يوماً.
وعنه أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:" خير الصيام صيام داود، كان يصوم نصف الدهر؛ وخير الصلاة صلاة داود، كان يرقد نصف الليل الأول، ويصلي آخر الليل، حتى إذا بقي سدس الليل رقده ".
وعن عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا عبد الله بن عمرو، إنك تصوم الدهر، وتقوم الليل، إنك إذا فعلت ذلك هجمت