إلى مكان كذا وكذا؛ فإذا بلغت ذلك المكان جعلت على نفسي أن أذكر الله إلى مكان كذا وكذا حتى آتي المنزل.
قال ابن أبي عدي: صام داود أربعين سنةً لا يعلم به أهله. وكان خزازاً يحمل معه غداءه من عندهم فيتصدق به في الطريق، ويرجع عشاءً فيفطر معهم.
قال داود بن أبي هند: جالست الفقهاء، فوجدت ديني عندهم، وجالست أصحاب المواعظ فوجدت الرقة قلبي بهم، وجالست كبار الناس فوجدت المروءة فيهم، وجالست شرار الناس فوجدت أحدهم يطلق امرأته على شيء لا يساوي شعيرة.
قال داود بن أبي هند: مرضت مرضاً شديداً حتى ظننت أنه الموت. فكان باب بيتي قبالة باب حجرتي، وكان باب حجرتي قبالة باب داري، قال: فنظرت إلى رجل قد أقبل ضخم الهامة ضخم المناكب، كأنه من هؤلاء الذين يقال لهم: الزط، قال: فلما رأيته شبهته بهؤلاء الذين يعملون الرب؟ فاسترجعت وقلت: يقبضني وأنا كافر. قال: وسمعت أنه يقبض أنفس الكفار ملك أسود. قال: فبينا أنا كذلك إذ سمعت سقف البيت ينتقض، ثم انفرج حتى رأيت السماء. قال: ثم نزل علي رجل عليه ثياب بياض، ثم أتبعه آخر فصارا اثنين، فصاحا بالأسود، فأدبر وجعل ينظر إلي من بعيد. قال: وهم يزجرانه، قال داود: فقال صاحب الرأس لصاحب الرجلين: المس، فلمس بين أصابعي ثم قال له: كثر النقل بهما إلى الصلوات، ثم قال صاحب الرجلين لصاحب الرأس: المس، فلمس لهواتي ثم قال: رطبة بذكر الله عز وجل. قال: ثم قال أحدهما لصاحبه: لم يأن له بعد. قال: ثم انفرج السقف فخرجا؛ ثم عاد السقف كما كان.
توفي داود بن أبي هند سنة تسع وثلاثين. وقيل: سنة سبع وثلاثين ومئة، في طريق مكة؛ وهو ابن خمس وسبعين سنة.