عليك سلام الله وقفاً فإنني ... رأيت الكريم الحر ليس له عمر
قال دعبل: بينا أنا جالس على باب داري بالكرخ إذ مرت بي غصن جارية ابن الأحدب، وكانت شاعرة مغنية، يبلغني خبرها ولم أكن شاهدتها، فرأيت وجهاً جميلاً وقداً حسناً، وقواماً وشكلاً، وهي تخطر في مشيتها وتنظر في أعطافها فقلت لها:
دموع عيني بها انبساط ... ونوم عيني به انقباض
فقالت مسرعةً:
ذاك قليل لمن دهته ... بلحظها الأعين المراض
فقلت:
فهل لمولاي عطف قلب ... أم للذي في الحشا انقراض
فقالت:
إن كنت تهوى الوداد منا ... فالود في ديننا قراض
فما دخل في أذني كلام أحلى من كلامها، ولا رأت عيني أنضر وجهاً منهال. فعدلت بها عن ذلك الروي فقلت:
أترى الزمان يسرنا بتلاق ... ويضم مشتاقاً إلى مشتاق
فقالت:
ما للزمان يقال فيه فإنما ... أنت الزمان فسرنا بتلاق