قال: وفي هذا الخبر ما دل على دهاء دعبل ولطف حيلته، وأنبأ عن ذكاء المطلب ودقة فطنته.
وقد روي مثل هذا عن معن بن زائدة وأتي بجماعة قد عاثوا في عمله، فأمر بقتلهم، فقال أحدهم: أعيذك بالله أن تقتلنا عطاشاً، فأمر بإحضار ماء يسقونهم، فلما شربوا قال: أيها الأمير لا تقتل أضيافك، فقال: أولى لك. وأمر بتخليتهم.
ولد دعبل بن علي سنة ثمان وأربعين ومئة، ومات سنة ست وأربعين ومئتين بالطيب. فعاش سبعاً وتسعين سنة وشهوراً. واسيمه عبد الرحمن، وإنما لقبته دايته لدعابة كانت فيه، فأرادت ذعبلاً، فقلبت الذال دالاً.
وقيل: إن المعتصم قتله في سنة عشرين ومئتين لهجائه له؛ وكان قد استجار بقبر الرشيد بطوس، فلم يجره. والصحيح ما تقدم.
وقيل قي سبب وفاته: إنه هجا مالك بن طوق التغلبي، فبعث إليه رجلاً ضمن له عشرة آلاف درهم، وأعطاه سماً؛ فلم يزل يطلبه حتى وجده قد نزل في قرية بنواحي السوس، فاغتاله في وقت من الأوقات بعد صلاة العتمة؛ فضرب ظهر قدمه بعكاز لها زج مسموم، فمات من غد، ودفن بتلك القرية، وقيل: بل حمل إلى السوس فدفن بها.