قال: لا، قال: فمنكم شيبة الحمد عبد المطلب، مطعم طير السماء، الذي كان وجهه القمر يضيء في الليلة الداجية الظلماء؟ قال: لا، قال: فمن أهل الإفاضة بالناس أنت؟ قال: لا، قال: فمن أهل الرفادة أنت؟ قال: لا. واجتذب أبو بكر زمام الناقة راجعاً إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال الغلام:
أما والله لو ثبت لأخبرتك من قريش. قال: فتبسم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال علي: فقلت: يا أبا بكر! لقد وقعت من الأعرابي على باقعة، قال: أجل أبا حسن، ما من طامة إلا وفوقها طامة، والبلاء موكل بالمنطق.
قال: ثم رجعنا إلى مجلس آخر، عليهم السكينة والوقار، فتقدم أبو بكر، فسلم فقال: ممن القوم؟ قالوا: من بني شيبان بن ثعلبة، فالتفت أبو بكر إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: بأبي وأمي! هؤلاء غرر الناس وفيهم مفروق بن عمرو، وهانئ بن قبيصة، والمثنى بن حارثة، والنعمان بن شريك؛ وكان مفروق قد غلبهم جمالاً ولساناً، وكانت له غديرتان تسقطان على تربيته، وكان أدنى القوم مجلساً؛ فقال أبو بكر: كيف العدد فيكم؟ فقال مفروق: إنا لنزيد على ألف، ولن يغلب ألف من قلة؛ فقال أبو بكر: وكيف المنعة فيكم؟ فقال مفروق: علينا الجهد، ولكل قوم جد؛ فقال أبو بكر: كيف الحرب بينكم وبين عدوكم؟ فقال مفروق: إنا لأشد ما نكون غضباً حين نلقى، وإنا لأشد ما نكون لقاء حين نغضب، وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد، والسلاح على اللقاح، والنصر من عند الله، يديلنا مرةً ويديل علينا أخرى، لعلك أخا قريش ... فقال أبو بكر: قد بلغكم أنه رسول الله، ألا هو ذا، فقال مفروق: بلغنا أنه يذكر ذلك، فإلام