ليث بن أبي سليم: مر ذو القرنين في مسيره على ملك منبطح على وجهه، آخذ بأصل جبل، فقال له ذو القرنين: يا عبد الله، أمعذب أم مأمور؟ قال: بل مأمور، قال: فما هذا؟ قال: الجبال كلها محدقة بهذا الجبل، فأنا ممسك بأصله، فمن أنت؟ قال: أنا ذو القرنين، قال: ألكم خلقت الجنة والنار؟ قال: نعم، قال: لقد خلقتم لأمر عظيم.
حدث قتادة عن الحسن: أن ذا القرنين لما سد الردم على يأجوج ومأجوج سار يريد اوراء المشرق والمغرب، فسار حتى بلغ ظلمةً عجز أصحابه عن المسير، وأعطى الله ذا القرنين تلك القوة والجلادة حتى سار ثمانية عشر يوماً وحده، لا يقف على سهل ولا جبل، ولا حجر ولا شجر؛ ولا يأكل ولا يشرب ولا ينام ولا يركب، إذ سمع صوتاً من مسيرة يوم وليلة مثل الرعد القاصف، ورأى ضوءاً مثل البرق الخاطف، وقائل يقول: سبحان ربي من منتهى الدهر، سبحان ربي من منتهى قدمي من الأرض السابعة، سبحان من بلغ رأسي السماء، سبحان من بلغ يدي أقصى العالم. فلما دنا منه إذا هو بملك قابض على طرفي جبل قاف؛ وهو جبل من زمردة خضراء. فلما نظر إليه الملك ظن أنه ملك بعثه الله، يأمره أن يزيل الدنيا، فقال له: آدمي أم ملك؟ قال: لا بل آدمي، قال: من أين أقبلت؟ قال: جاوزت المشرق والمغرب وأنا أسير منذ ثمانية عشر يوماً في ظلمة على أرض ملساء، قال الملك: لم تمش على الأرض، وإنما مشيت ساعةً من النهار، وإنما مشيت على البحر السابع فشك ذو القرنين أن يكون قد مشى على الماء، فانغمس في الماء إلى ركبتيه فقال له الملك: ابن آدم، شككت أنك مشيت على الماء فاستيقن، فاستوى على الماء. قيل: يا أبا سعيد من سماه ذا القرنين؟ قال: ذلك الملك، فقال له: يا ذا القرنين! فقال له ذو القرنين: لعلك سببتني أو لقبتني، إن اسمي غير هذا، قال: ما سببتك ولا لقبتك، ولكنك جاوزت قرن المشرق والمغرب، فهذا اسمك واسم من يعمل كعملك، قال: فما لي أراك قابضاً على هذا الجبل؟ قال: إن الله جعل هذا الجبل وتد هذه الأرض، والجبال من دونه أوتاداً،