وكانت الأرض لا تستقر حتى وضع الله هذا الجبل، وأنبت الجبال من هذا كنبات الشجر من عروقها، وبعثني أن أمسك هذا الجبل أن لا تزول الدنيا، قال: فما خلف هذا الجبل؟ قال: سبعون حجاباً من نار، وسبعون حجاباً من دخان، وسبعون حجاباً من ثلج، وسبعون حجاباً من ظلمة، غلظ كل حجاب مسيرة خمس مئة عام، ومن خلف هؤلاء حملة الكرسي، أرجلهم من تحت الثرى السابعة، ولقد جاوزت رؤوسهم فوق سبع سماوات، ولولا هذه الحجب احترقت أنا وهذا الجبل من نورهم؛ قال: فما خلف أولئك؟ قال: من الحجب بعد ذلك، وخلف تلك الحجب حملة العرش قد مرقت أرجلهم أرضين السابعة، وجاوزت رؤوسهم فوق السماء السابعة، كما بين سبع سماوات إلى سبع أرضين، ولولا تلك الحجب لاحترقت حملة الكرسي من نور حملة العرش، ولهم قرون غلظ كل قرن كل ملك ما بين الخافقين، قال: فما خلف أولئك؟ قال: أرض ملساء، ضوؤها من نورها، ونورها من ضوئها مسيرة الشمس أربعين يوماً، يكون مثل الدنيا عامرها، وعامرها أربعون ضعفاً، ليس فيه موضع شبر إلا وملك ساجد لم يرفع رأسه منذ خلقه الله، ولا يرفعه إلى يوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة رفعوا رؤوسهم فقالوا: ربنا لم نعبدك حق عبادتك. قال: فما خلف أولئك؟ قال: ملائكة يضعفون عليهم أربعون ضعفاً، لكل ملك منهم أربعون رأساً، في كل رأس أربعون وجهاً، في كل وجه أربعون فماً، في كل فم أربعون لساناً، في كل لسان أربعون لغةً تسبح الله وتقدسه بكل لغة أربعين نوعاً، قال: فملا خلف أولئك؟ قال: ملائكة يضعفون على هؤلاء أربعين ضعفاً، طول كل منهم ما بين سبع سماوات إلى سبع أرضين، ليس في جسده موضع ظفر ابن آدم إلا فيه لسان ناطق يحمد الله ويقدسه. قال: فما خلف أولئك؟ قال: ملك قد أحاط بجميع ما ذكرت لك، لو أذن الله له لجمع جميع ما ذكرت لك، وما في سبع سماوات وسبع أرضين ما خلا العرش والكرسي؛ لالتقمهم بلقمة واحدة. قال: فما خلف ذلك؟ قال: انقطع علمي وعلم كل عالم وكل ملك، ليس وراء ذلك إلا الله عز وجل وبهاؤه وسلطانه. فانصرف ذو القرنين إلى أصحابه؛ فقال الحسن: إنما حمل ذا القرنين على أن يأتي المشرق والمغرب أنه وجد في بعض تلك الكتب أن رجلا من ولدر سام بن نوح يشرب من عين في البحر وهي من الجنة فيعطى الخلد. قال: فطلب تلك العين.