للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله بمنزل ضخم، وكان قد ملك ما بين المشرق والمغرب، وكان له خليل من الملائكة يقال له زيافيل، وكان يأتي ذا القرنين يزوره، فبينما هما ذات يوم يتحدثان إذ قال له ذو القرنين: حدثني كيف عبادتكم في السماء؟ فبكى ثم قال: يا ذا القرنين، وما عبادتكم عند عبادتنا، إن في السماء لملائكةً، قيام لا يجلسون أبداً، ومنهم سجود لا يرفع رأسه أبداً، وراكع لا يستوي قائماً أبداً، أو رافع وجهه لا يطرف شاخصاً أبداً، يقولون: سبحان الملك القدوس، رب الملائكة والروح، رب، ما عبدناك حق عبادتك. فبكى ذو القرنين بكاءً شديداً ثم قال: يا زيافيل، إني أحب أن أعمر حتى أبلغ عبادة ربي حق طاعته، قال: وتحب ذلك يا ذا القرنين؟ قال: نعم، قال زيافيل: فإن لله عيناً تسمى عين الحياة، من شرب منها شربةً لم يمت أبداً حتى يكون هو الذي يسأل ربه الموت؛ قال ذو القرنين: فهل تعلمون أنتم موضع تلك العين؟ قال زيافيل: لا، غير أنا نتحدث في السماء أن لله في الأرض ظلمةً لم يطأها إنس ولا جان، فنحن نظن أن العين في تلك الظلمة.

فجمع ذو القرنين علماء أهل الأرض، وأهل دراسة الكتب، وآثار النبوة فقال: أخبروني هل وجدتم في كتاب الله وفيما عندكم من أحاديث الأنبياء والعلماء قبلكم أن الله وضع في الأرض عيناً سماها عين الحياة؟ قالوا: لا، قال ذو القرنين: فهل وجدتم فيها أن الله وضع في الأرض ظلمةً لم يطأها إنس ولا جان؟ قالوا: لا، قال عالم منهم: أيها الملك، لم تسأل عن هذا؟ قال: فأخبره بما قال له زيافيل، فقال له: أيها الملك، إني قرأت قصة آدم، فوجدت فيها أن الله وضع في الأرض ظلمةً لم يطأها إنس ولاجان، قال ذو القرنين: فأين وجدتها من الأرض؟ قال: وجدتها عند قرن الشمس. فبعث ذو القرنين فحشر الفقهاء والأشراف والملوك والناس، ثم سار يطلب مطلع الشمس، فسار إلى أن بلغ طرف الظلمة اثنتي عشرة سنة. فأما الظلمة فليست بليل، وهي ظلمة تفور مثل الدخان فعسكر ثم جمع علماء أهل عسكره فقال لهم: إني أريد أن أسلك هذه الظلمة، فقالوا: أيها الملك، قد كان قبلك من الأنبياء والملوك لم يطلبوا هذه الظلمة؛ ولا تطلبها فإنا نخاف أن ينبعق عليك أمر تكرهه، ويكون فيه فساد أهل الأرض. قال ذو القرنين: لا بد من

<<  <  ج: ص:  >  >>