شئت، قال: هل كثر بناء الجص والآجر؟ قال: نعم، قال: فانتفض انتفاضة ثم انتفخ حتى بلغ ثلث الحديدة، ثم قال: يا ذا القرنين! أخبرني، قال: سل، قال: هل كثرت شهادات الزور في الأرض؟ قال: نعم، قال: فانتفض الطائر ثم انتفخ حتى ملأ ثلثي الحديدة، ثم قال: يا ذا القرنين أخبرني، هل كثرت المعازف في الأرض؟ قال: نعم، فانتفض الطائر ثم انتفخ حتى ملأ الحديدة، وسد ما بين جداري القصر؛ ففرق ذو القرينن فرقاً شديداً، فقال الطائر: يا ذا القرنين، لاتخف حدثني، قال: سل، قال: هل ترك الناس شهادة أن لا إله إلا الله بعد؟ قال: لا، قال: فانتفض الطائر ثلثاً ثم قال: حدثني، قال: سل، قال: هل ترك الناس صلاة المكتوبة بعد؟ قال: لا، قال: فانتفض الطائر ثلثاً ثم قال: حدثني، قال: سل، قال: ترك الناس الغسل من الجنابة بعد؟ قال: لا، قال: فعاد الطائر كما كان.
ثم قال: يا ذا القرنين، اسلك الدرجة إلى أعلى القصر؛ فسلكها ذو القرنين وهو خائف حتى استوى على صدر الدرجة، إذا سطح ممدود، وإذا عليه رجل نائم أو شبيه بالرجل، شاب عليه ثياب بياض، رافع وجهه إلى السماء، واضع يده على فيه. فلما سمع حس ذي القرنين، قال: من هذا؟ قال: أنا ذو القرنين فمن أنت؟ قال: أنا صاحب الصور، قال: فما لي أراك واضعاً يدك على فيك، رافعاً وجهك إلى السماء؟ قال: إن الساعة قد اقتربت، فأنا أنتظر من ربي أن يأمرني أن أنفخ فأنفخ؛ ثم أخذ صاحب الصور من بين يديه شيئاً كأنه حجر فقال: خذ هذا يا ذا القرنين، فإن شبع هذا الحجر شبعت، وإن جاع جعت. فأخذ ذو القرنين الحجر ثم رجع إلى أصحابه، فحدثهم بالطائر وما قال له وما رد عليه، وما قال له صاحب الصور وما رد عليه. فجمع ذو القرنين أهل عسكره ثم قال: أخبروني عن هذا الحجر ما أمره؟ فأخذ العلماء كفتي الميزان فوضعوا الحجر في إحدى الكفتين، ثم أخذوا حجراً مثله فوضعوه في الكفة الأخرى، فإذا الحجر الذي جاء به ذو القرنين يميل بجميع ما وضع معه، حتى وضعوا معه ألف حجر، فقال العلماء: أيها الملك، انقطع علمنا دون هذا، أسحر هذا أم علم؟ ما ندري ما هذا! والخضر ينظر ما يصنعون وهو ساكت؛ فقال ذو القرنين للخضر: هل عندك علم من هذا؟ قال: نعم، فأخذ الميزان بيده، وأخذ الحجر الذي جاء به ذو القرنين فوضعه في إحدى الكفتين، ثم أخذ حجراً من تلك الحجارة مثله فوضعه في الكفة الأخرى، ثم أخذ كفاً من تراب فوضعه مع الحجر الذي