إليه ولا يقوم إليه، حتى كانت الساعة التي يقوم فيها للقائلة، فقام فقعد بين يديه فقال: قد أخبرتك أن القوم لا يلتفتون إلى كتابك، طردوني ولم يجيبوني، فأخذه بخدعته حتى ذهبت ساعته، فالتفت فإذا ساعته قد ذهبت، فقال: يا شيخ! منعتني أمس واليوم من القائلة، وأنا أنام هذه السويعة! قال: شيخ كبير، مظلوم ضعيف، قال: فكتب معه وشدد عليهم، فقال: إنهم لا يلتفتون إلى كتابك، قال: بلى قال: وكل ذلك يريد أن يغضبه قال: فكتب معه وتشدد على القوم. قال: فانطلق فمزق الكتاب وخمش وجهه، ومزق ثيابه، ثم تحين الساعة التي أتاه فيها، فقعد بحياله، فجعل ذو الكفل ينظر إليه وماله هم غيره، حتى إذا كانت الساعة التي يقوم فيها قام فقعد بين يديه، قال فقال: هذا ما لقيت منك! ضربوني ومزقوا علي ثيابي وقد أخبرتك أنهم لا يجيبونك، وأخذه بخدعته حتى مضت ساعته، فالتفت ذو الكفل فإذا ساعته قد ذهبت فقال: أول من أمس، وأمس واليوم! اللهم إنما أنا بشر، لا أستطيع ألا أغضب، قال: فرفع يده، فطرف لإبليس، فساخ الخبيث فذهب. فسماه الله ذا الكفل لأنه كفل بشيء فوفى به.
وعن ابن عمر قال: لقد سمعت من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثاً لو لم أسمعه إلا مرة أو مرتين حتى عد سبع مرار، ولكن قد سمعته أكثر من ذلك، قال: كان الكفل منبني إسرائيل لا يتورع من ذنب عمله، فأتته امرأة فأعطاها ستين ديناراً على أن يطأها؛ فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته أرعدت وبكت، فقال: ما يبكيك، أكرهتك؟ قالت: لا، ولكن هذا عمل لم أعمله قط، وإنما حملني عليه الحاجة؛ قال: فتفعلين هذا ولم تفعليه قط! قال: ثم نزل فقال: اذهبي والدنانير لك؛ ثم قال: والله لا يعصي الله الكفل أبداً. فمات من ليلته، فأصبح مكتوباً على بابه: قد غفر الله للكفل.
قيل: إن ذا الكفل كان عمره خمساً وسبعين سنة.
قال وهب بن منبه: كانت قبل إلياس وقبل داود أحداث وأمور في بني إسرائيل وأنبياء منهم اليسع صاحب إلياس وذو الكفل؛ وكان عيلون مستخلفاً خلافة نبوة، ولم تكن له نبوة، غير أن بني