فقالوا: هذا الكتاب الذي كان معه، ودفناه في يوم كذا وكذا، فنظروا وحسبوا فإذا ذو الكفل كان قد قرأ عليهم الكتاب وأعلمهم بموت الملك في اليوم الذي مات فيه؛ فآمنوا به واتبعوه، فبلغ من آمن به مئة ألف وأربعة وعشرين ألفاً؛ وتكفل لهم مثل الذي تكفل لملكهم على الله. فسماه الله ذو الكفل.
قال أبو نضرة: كان نبي في بني إسرائيل، فأرسل إليهم أن اجتمعوا عندي، فاجتمعوا عنده فقال: إني لا أحسبني إلا قد احتضر أجلي، فالتمسوا لي رجلاً يصوم النهار ويقوم الليل، ويقضي بين بني إسرائيل ولا يغضب، فلما سمع ذلك المشيخة سكتوا، وقام غلام من بني إسرائيل فقال: أنا لك بهذا؛ فقال: ألا أراك غلاماً فاجلس. قال: ثم أرسل إليهم أن اجتمعوا إلي، فاجتمعوا، فقال لهم مثل ذلك، فسكت المشيخة وقام الغلام فقال: أنا لهذا؛ فقال: ألا أراك غلاماً فاجلس. قال: فأرسل إليهم أن اجتمعوا إلي، فقال لهم مثل ذلك، فسكت المشيخة وقام الغلام فقال: أنا لك بهذا، قال: تصوم النهار وتقوم الليل وتقضي بين بني إسرائيل ولا تغضب؟ قال: نعم، قال: قد وليتك أمر بني إسرائيل بعدي. قال: ومات نبيهم. قال: فجعل ذو الكفل يصوم النهار ويقوم الليل، ويقضي بين بني إسرائيل، فإذا انتصف النهار قام فأوى إلى بيته، فقال: ثم يخرج ويقضي بينهم. قال: قال إبليس لعنه الله لجنوده: احتالوا أن تغضبوه، فأرادوا بكل شيء، فجعلوا لا يقدرون على أن يغضبوه: فلما رأى ذلك إبليس قال: أنا صاحبه فجاءه في صورة شيخ كبير، يمشي على عصاً له حتى قعد حيث يراه، فجعل ذو الكفل ينظر إليه ويرق له، ويحسب أنه لا يستطيع الزحام، فلما كانت الساعة التي يقوم فيها للقائلة، قام حتى قعد بين يديه فقال: شيخ كبير مظلوم، ظلمني بنو فلان، قال له ذو الكفل: فهلا قمت إلي قبل هذه الساعة؟! قال: شيخ كبير لم أستطع الزحام؛ قال: فأخذه بخدعته حتى مضت ساعته، فالتفت ذو الكفل فإذا ساعته التي يقيل فيها قد مضت، فقال: يا شيخ! منعتني من القائلة؛ قال: إني شيخ كبير ملهوف، قال: فكتب معه، قال: فأخذ الكتاب فرمى به؛ ثم تحينه من الغد، فأتاه في الساعة التي أتاه فيها، فقعد حياله، فجعل ذو الكفل ينظر