للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: الحمد لله كثيراً نامياً جزيلاً، واضحاً منيراً، بكرةً وأصيلاً، أحمده على قتال علي ومن معه من أهل العراق فقعد على فرسه وكان من أعظم أصحاب معاوية وأستعينه وأومن به وأتوكل عليه، وكفى بالله وكيلا، ثم إني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالفرقان إماماً، وبالهدى ودين الحق حين ظهرت المعاصي، ودرست الطاعة، وامتلأت الأرض جوراً وضلالةً، واضطرمت الدنيا كلها نيرانا وفتنةً، وورك عدو الله إبليس على أن يكون قد عبد في أكنافها، واستولى على جميع اهلها؛ فكان الذي أطفأ نيرانها، ونزع أوتادها، وأوهن به قوى إبليس، وأيأسه مما كان قد طمع من ظفره بهم؛ محمد بن عبد الله، فأظهره على الدين كله ولو كره المشركون، صلى الله على محمد والسلام عليه ورحمة الله وبركاته؛ وقد كان مما قضى الله أن ضم بيننا وبين أهل ديننا بصفين، وإنا لنعلم أن منهم قوماً قد كانت لهم مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سابقة ذات شأن وخطر عظيم؛ ولكني قلبت هذا الأمر ظهراً وبطناً، فلم أر أن يسعنا أن نهدر دم ابن عفان، صهر نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومجهز جيش العسرة، واللاحق في مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيتاً، وباني سقاية المسلمين؛ وبايع له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيده اليمنى على اليسرى، واختصه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكريمتيه: أم كلثوم ورقية، ابنتي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فإن كان أذنب ذنباً فقد أذنب من هو خير منه، قال الله عز من قائل لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر " وقتل موسى عليه السلام نفساً ثم استغفر الله فغفر له، وقد أذنب نوح عليه السلام، ثم استغفر الله فغفر له، وقد أذنب أبوكم آدم عليه السلام، ثم استغفر الله فغفر له؛ فلم يعر أحد من الذنوب؛ وإنا لنعلم أنه قد كانت لابن أبي طالب سابقة حسنة مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فإن لم يكن مالأ على قتل عثمان فقد خذله، وإنه لأخوه في دينه، وابن عمه وسلفه وابن عمه؛ وقد أقبلوا من عراقهم حتى نزلوا شامكم وبلادكم وبيضتكم، وإنما عامتهم بين قاتل وخاذل؛ فاستعينوا بالله واصبروا فقد ابتليتم. أيتها الأمة؛ والله لقد رأيت في منامي في ليلتي هذه، لكأنا وأهل العراق قد اعتورنا مصحفاً نضربه بأسيافنا، ونحن في

<<  <  ج: ص:  >  >>