ذلك ننادي: ويحكم! الله الله! مع أنا والله ما نحن بمفارقي العرصة حتى نموت. عليكم بتقوى الله، ولتكن النيات لله عز وجل، فإني سمعت عمر بن الخطاب يقول: إنما يبعث المقتتلون على النيات. أفرغ الله علينا الصبر، وأعز لنا ولكم النصر، وكان لنا ولكم ولياً وناصراً، وحافظاً في كل أمر، وأستغفر الله لي ولكم.
وعن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي، وذكر أهل صفين فقال: كانوا عرباً يعرف بعضهم بعضاً في الجاهلية، والتقوا في الإسلام معهم تلك الحمية ونية الإسلام، فتصابروا واستحيوا من الفرار، وكانوا إذا تحاجزوا دخل هؤلاء في عسكر هؤلاء، وهؤلاء في عسكر هؤلاء، فيستخرجون قتلاهم فيدفنونهم؛ فلما أصبحوا يوماً، وذلك يوم الثلاثاء خرج الناس إلى مصافهم، فقال أبو نوح الحميري: وكنت في خيل علي، فبينا أنا واقف إذ نادى رجل من أهل الشام: من دلني على أبي نوح الحميري؟ قال أبو نوح: فقلت: أيهم تريد؟ فقال: الكلاعي، فقلت: قد وجدته، فمن أنت؟ قال: أنا ذو الكلاع فسر إلي، قال أبو نوح: فقلت معاذ الله أن أسير إليك إلا في كتيبة، فقال: سر، فلك ذمة الله وذمة رسوله وذمة ذي الكلاع حتى ترجع، فإنما أريد أن أسألك عن أمر فيكم؛ فسار إليه أبو نوح وسار إليه ذو الكلاع حتى التقيا، فقال له ذو الكلاع: إنما دعوتك أحدثك حديثاً حدثناه عمرو بن العاص في إمارة عمر؛ فقال أبو نوح: وما هو؟ فقال ذو الكلاع: حدثنا عمرو بن العاص أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: يلتقي أهل الشام وأهل العراق، في إحدى الكتيبتين الحق أو قال: الهدى ومعها عمار بن ياسر، فقال أبو نوح: نعم والله، إن عماراً لمعنا وفينا؛ فقال: أجاد هو على قتالنا؟ فقال أبو نوح: نعم ورب الكعبة لهو أجد على قتالكم مني، ولوددت أنكم خلق واحد فذبحته.
وعن الحارث بن حصيرة: أن ابن ذي الكلاع أرسل إلى الأشعث بن قيس رسولاً فقال له: إن ابن عمك ابن ذي