الكلاع يقرأ عليك السلام ويقول لك: إن ذا الكلاع قد أصيب وهو في الميسرة، أفتأذن لنا فيه؟ فقال له الأشعث: أقرئه السلام وقل له: إني أخاف أن يتهمني أمير المؤمنين، فاطلبوا ذلك إلى سعيد بن قيس الهمداني فإنه في الميمنة، فذهب إلى معاوية فأخبره وذلك بينهم يتراسلون في اليوم والأيام فقال معاوية: ما عسيت أن أصنع. وقد كانوا منعوا أهل الشام أن يدخلوا عسكر علي، وخافوا أن يفسدوا أهل العسكر. فقال معاوية لأصحابه: لأنا أشد فرحاً بقتل ذي الكلاع مني بفتح مصر لو افتتحتها، لأن ذي الكلاع كان يعرض له في أشياء كان يأمر بها؛ فخرج ابن ذي الكلاع إلى سعيد بن قيس، فاستأذنه في أبيه فأذن له فيه؛ فقال سعيد بن قيس لابن ذي الكلاع حين قال له إنهم يمنعوني من دخول عسكرهم: كذبت، لم يمنعوك! إن أمير المؤمنين لا ينال من دخل عسكره لهذا الأمر، ولا يمنع أحداً من ذلك فادخل. فدخل من قبل الميمنة فلم يجده، فأتى الميسرة فوجده قد ربط برجله طنب من أطناب فسطاط، فسلم عليهم ومعه عبد له أسود فقال لهم: أتأذنون في طنب من أطناب فسطاطكم؟ فقالوا: نعم، ثم قالوا له: معذرةً إلى ربنا وإليكم، أما إنه لولا بغيه علينا ما صنعنا ما ترون، فنزل عليه وقد انتفخ وكان عظيماً جسيماً فلم يستطيعا احتماله، فقال ابنه: هل من فتىً معوان؟ فخرج إليه الخندق، رجل من أصحاب علي، فقال: تنحوا، فقال ابن ذي الكلاع: ومن يحمله؟ قال: يحمله الذي قتله، فاحتمله الخندق حتى رمى به على ظهر بغل، ثم شداه بالحبال وانطلقا إلى عسكرهم.
قتل ذو الكلاع يوم صفين مع معاوية، وكانت صفر سنة سبع وثلاثين.
وعن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل قال: رأيت في المنام قباباً في رياض، فقلت: لمن هذه؟ قالوا: لعمار بن ياسر وأصاحبه، ورأيت قباباً في رياض، فقلت: لمن هذه؟ فقالوا: لذي الكلاع وأصحابه، فقلت: كيف وقد قتل بعضهم بعضاً؟! قال: إنهم وجدوا الله واسع المغفرة.
وفي حديث آخر بمعناه: قلت: فما فعل أهل النهر؟ قال: لقوا برحاً.