للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعيد، لم يعلم آدمي أدرك مرئياً من مثل مداه، فلم يصدقوها، فأتاهم العدو الذي أنذرتهم به، فاستباحهم وخرب ديارهم:

ما نظرت ذات أشفار كنظرتها ... حقاً كما صدق الذئبي إذ سجعا

قالت أرى رجلاً في كفه كتف ... أو يخصف النعل، لهفي أيةً صنعا

فكذبوها بما قالت فصبحهم ... ذو آل حسان يزجي الموت والشرعا

فاستنزلوا أهل جو من منازلهم ... واستخفضوا شاخص البنيان فاتضعا

قوله: الذئبي، يعني سطيحاً، لأنه من ولد ذئب بن حجن. وبسطيح الذئبي كان يعرف.

روي عن ابن عباس أن رجلاً أتاه فقال: بلغنا أنك تذكر سطيحاً، تزعم أن الله لم يخلق من ولد آدم شيئاً يشبهه؟ قال: نعم، إن الله تبارك وتعالى خلق سطيحاً الغساني لحماً على وضم والوضم: شرائح من جرائد النخل وكان يحمل على وضمه، فيؤتى به حيث يشاء، ولم يكن فيه عظم ولا عصب، إلا الجمجمة والعنق والكفين، وكان يطوى من رجليه إلى ترقوته كما يطوى الثوب، ولم يكن فيه شيء يتحرك إلا لسانه. فلما أراد الخروج إلى مكة حمل على وضمه، فأتي به مكة، فخرج إليه أربعة نفر من قريش: عبد شمس وعبد مناف ابنا قصي، والأحوص بن فهر، وعقيل بن أبي وقاص، فانتموا إلى غير نسبهم، فقالوا: نحن أناس من جمح، أتيناك لنزورك لما بلغنا قدومك، ورأينا أن إتياننا إياك حق واجب لك علينا. وأهدى له عقيل صفيحةً هنديةً، وصعدةً ردينيةً، فوضعتا على باب البيت الحرام لينظروا هل يراهما سطيح أم لا؟، فقال: يا عقيل؛ ناولني يدك، فناوله يده فقال: والعالم الخفية، والغافر الخطية، والذمة الوفية، والكعبة المبنية، إنك للجائي بالهدية، الصفيحة الهندية، والصعيدة الردينية. قالوا: صدقت يا سطيح، فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>