والله لأقتلنه. فلم أجد بداً من ذلك، فدخلت إليه فقلت: يا أبا عبد الله، أجب أمير المؤمنين، فقام مسرعاً. فلما دنونا إلى الباب قام يحرك شفتيه ثم دخل فسلم، فلم يرد عليه، ووقف فلم يجلسه، ثم رفع رأسه إليه فقال: يا جعفر، أنت ألبت علينا وكثرت وغدرت؟! وحدثني أبي عن أبيه عن جده، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ينصب لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة. فقال جعفر بن محمد: حدثني أبي عن أبيه عن جده عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انه قال: ينادي مناد يوم القيامة من بطنان العرش: ألا فليقم من كان أجره على الله، فلا يقوم إلا من عفا عن أخيه. فما زال يقول حتى سكن ما به ولان له، فقال: اجلس أبا عبد الله، ارتفع أبا عبد الله؛ ثم دعا بمدهن فيه غالية، فعلقه بيده والغالية تقطر من بين أنامل أمير المؤمنين المنصور، ثم قال: انصرف أبا عبد الله في حفظ الله. وقال لي: يا ربيع أتبع أبا عبد الله جائزته.
قال الربيع: فخرجت إليه فقلت: أبا عبد الله، أنت تعلم محبتي لك، قال: نعم يا ربيع، أنت منا، حدثني أبي عن أبيه، عن جده، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: مولى القوم منهم، وأنت منا. قلت: يا أبا عبد الله، شهدت ما لم تشهد، وسمعت ما لم تسمع، وقد دخلت فرأيتك تحرك شفتيك عند الدخول عليه بدعاء، فهو شيء تقوله أو تأثره عن آبائك الطيبين؟ قال: لا، بل حدثني أبي عن أبيه، عن جده، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا حزبه أمر دعا بهذا الدعاء وكان يقال: إنه دعاء الفرج: " اللهم احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك الذي لا يرام، وارحمني بقدرتك علي، لا أهلك وأنت رجائي، فكم من نعمة أنعمت بها علي قل لك عندها شكري، وكم من بلية ابتليتني قل لك بها صبري؛ فيا من قل له عند نعمه شكري فلم يحرمني، ويا من قل عند بليته صبري فلم يخذلني، ويا من رأى علي الخطايا فلم يفضحني، أسألك أن تصلي على محمد وعلى آل محمد، كما صليت وباركت ورحمت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم أعني على ديني بدنيا، وعلى آخرتي بتقوى، واحفظني فيما غبت عنه، ولا تكلني إلى نفسي