للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلطان. قال: وعلم الله بما يلقى أيوب مما لم يعلم إبليس، فجعل امرأته عوناً له. قال إبليس: فنعم. قال: وكان أيوب هو بنى المصلى الذي كانوا يصلون فيه، وكان منزله فيه، وكان ذا ماشية ورقيق، وكان إمامهم، قال: فأقبل على ماشيته فأفناها، قال: فلا يرى من أيوب شيئاً يحبه، قال: ثم أقبل على رقيقه فأفناهم، فلا يرى شيئاً يحبه، قال: ثم أقبل على ولده فأفناهم فلا يرى شيئاً يحبه، قال: فأقبل على أيوب في بدنه فابتلاه بلاءً شديداً.

فلما اشتد بأيوب البلاء، وذهبت ماشيته ورقيقه ولده، فلم يبق إلا هو وامرأته قال لها: يا هذه، انظري إلى ما آمرك به فاصنعيه، قالت: وما هو؟ قال: احمليني فألقيني في القرية، قالت: يا أيوب، ألا تتقي الله، قد نزل بك ما ترى وأنا امرأة ضعيفة تأمرني ن أخرج من منزلنا الذي هو منزلنا؟! قال: نعم، أطيعيني فإني أخاف أن أكون قد شققت على أهل هذا المصلى؛ فاحتملته فألقته في القرية. قال: فاشتد ريحه، فدعاها فقال: يا هذه، لا أحسبني إلا قد شققت على أهل هذه القرية، يمرون فيجدون ريحي فتؤذيهم، قالت: يا أيوب، اتق الله، أنا امرأة ضعيفة، ليس معي غيري، قالت: فأين أذهب بك؟ نرى أن نكون مع الناس؛ قال: نعم، انظري إلى هذه الكساحة الخارجة من القرية، فاحمليني فألقيني عليها ولا تؤذي أهل القرية، فلا أحسبني إلا قد شققت عليهم فأطيعيني، فاحتملته فألقته على الكساحة. قال: وألح عليه إبليس لا يرى منه شيئاً يحب، لا يراه إلا صابراً. قال: فلا أدري ما قال لامرأته يوماً، فجاء منها شيء، فآلى ليجلدنها مئة جلدة إن برئ.

قال: واشتد به البلاء، فقالت له امرأته: والله إني لأعلم أن الله لم يفعل بك هذا من هوانك عليه، هو ربك، ولكنه أراد أن يبتليك كما ابتلى أباك إبراهيم، لينظر أتصبر وتشكر؟ قال: فتريدين ماذا؟ قالت: ادع الله، فوالله ليكشفن عنك ذا البلاء، قال: فكم مضى من عمري؟ قالت: كذا وكذا، قال: فقد كنت في تلك النعمة والرفاهية والخير، فما ابتلاني بعد ذلك، قال: فجزعت وقالت: يا أيوب! فإنك تريد أن تصبر على قدر ذلك!

<<  <  ج: ص:  >  >>