أبجليسي!؟ احرقا صيلقيه بالشمعة، فأحرق صيلقاه، والصيلقان ناحيتا العنق. قال: وأقمت على ذلك أياماً في لطف منه وكرامة، فأتيته يوماً كانت ترد عليه فيه النعم السود، ولم يكن بأرض العرب بعير أسود إلا للنعمان، فإني لجالس إذ سمعت صوتاً من خلف قبته يقول: من الرجز
أنام أم يسمع رب القبه ... يا أوهب الناس لعنسٍ صلبه
ضرابةٍ بالمشفر الأدبه ... ذات نجاءٍ في يديها جذبه
الجذب: الطول. قال النعمان: أبو أمامة. أدخلوه. فلما دخل أنشده قصيدته البائية:
ولست بمستبقٍ أخاً لا تلمه ... على شعثٍ أي الرجال المهذب
وقصيدته العينية:
خطاطيف حجنٍ في حبالٍ متينةٍ ... تمد بها أيدٍ إليك نوازع
قال: فأمر له بألف بعير من الإبل السود فيها رعاؤها، ومظالها، وكلابها. قال فانصرفت، وما أدري أكنت له أحسد على جودة شعره أم على ما أصاب من جزيل عطيته.
قال: ثم عدت إلى صاحبي فأخبرته، فقال: ارحل، فلا شيء لك عنده بعد مقدمه. فرجعت إلى بلادي.
حدث زكريا مولى الشعبي: أن النابغة الذبياني قال للنعمان بن المنذر: من الوافر
تزال الأرض إما مت حقاً ... وتحيا ما حييت بها ثقيلا