للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان لا يدخلها إلا سراً منهم، فإذا علموا بذلك آذنوا به الخطاب فأخرجوه وآذوه كراهية أن يفسد عليهم دينهم، وأن يتابعه أحد منهم على فراقهم.

قال محمد بن إسحاق:

وقد كان نفر من قريش: زيد بن عمرو بن نفيل، وورقة بن نوفل، وعثمان بن الحارث بن أسد، وعبيد الله بن جحش بن رياب، حضروا قريشاً عند وثنٍ لهم، كانوا يذبحون عنده لعيدٍ من أعيادهم، فلما اجتمعوا خلا بعض أولئك النفر إلى بعض، وقالوا: تصادقوا، وليكتم بعضكم على بعض. فقال قائلهم: تعلمن، والله ما قومكم على شيء، لقد أخطؤوا دين إبراهيم وخالفوه، ما وثن يعبد لا يضر ولا ينفع؟ فابتغوا لأنفسكم. فخرجوا يطلبون، ويسيرون في الأرض يلتمسون أهل كتاب من اليهود والنصارى، والملل كلها يتطلبون الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام.

وأما ورقة بن نوفل فتنصر واستحكم في النصرانية، واتبع الكتب من أهلها حتى علم علماً كثيراً من أهل الكتاب. ولم يكن منهم أعدل أمراً ولا أعدل شأناً من زيد بن عمرو، اعتزل الأوثان، وفارق الأديان من اليهود والنصارى والملل كلها إلا دين إبراهيم، يوحد الله، ويخلع من دونه، ولا يأكل ذبائح قومه، باداهم بالفراق لما هم فيه.

وفي حديث آخر: وكان أشدهم على زيدٍ الخطاب بن نفيل، وكان زيد بن عمرو إذا خلص إلى البيت استقبله ثم قال:

لبيك حقاً حقاً ... تعبداً ورقاً

البر أرجو لا الخال ... هل مهجرٌ كمن قال

عذت بما عاذ به إبراهيم ... مستقبل القبلة وهو قائم

<<  <  ج: ص:  >  >>