ولما خالف زيد دين قومه قال له الخطاب بن نفيل: إني لأحسبك خالفة بني عدي، هل ترى أحداً يصنع من قومك ما تصنع؟! يقال: رجل خالفة أي مخالف، كثير الخلاف: كما قيل: راوية ولحانة ونسابة.
قال ابن إسحاق: وقد كان زيد بن عمرو بن نفيل قد أجمع على الخروج من مكة فيضرب في الأرض يطلب الحنيفية دين إبراهيم، وكانت امرأته صفية بنت الحضرمي كلما أبصرته قد نهض للخروج وأراده آذنت الخطاب بن نفيل. فخرج زيد إلى الشام يلتمس ويطلب في أهل الكتاب الأول دين إبراهيم، ويسأل عنه، ولم يزل في ذلك حتى أتى الموصل والجزيرة كلها، ثم أقبل حتى أتى الشام، فجال فيها حتى أتى راهباً ببيعة من أرض البلقاء، كان ينتهي إليه علم النصرانية فيما يزعمون، فسأله عن الحنيفية دين إبراهيم، فقال له الراهب: إنك لتسأل عن دين ما أنت بواجد من يحملك عليه اليوم، لقد درس من علمه، وذهب من كان يعرفه، ولكنه قد أظلك خروج نبي يبعث بأرضك التي خرجت منها بدين إبراهيم الحنيفية، فعليك ببلادك فإنه مبعوث الآن وهذا زمانه. وقد كان شام اليهودية والنصرانية فلم يرض شيئاً منهما.
فخرج سريعاً، حين قال الراهب ما قال: يريد مكة، حتى إذا كان بأرض لخم عدوا عليه فقتلوه، فقال ورقة بن نوفل وقد كان اتبع مثل أثر زيد ولم يفعل في ذلك ما فعل زيد فبكى ورقة فقال: من الطويل
رشدت وأنعمت ابن عمروٍ وإنما ... تجنبت تنوراً من النار حاميا
بدينك رباً ليس رب كمثله ... وتركك أوثان الطواغي كما هيا