وقد تدرك الإنسان رحمة ربه ... ولو كان تحت الأرض ستين واديا
وعن زيد بن عمرو بن نفيل: أنه كان يتأله في الجاهلية، فانطلق حتى أتى رجلاً من اليهود، فقال له: أحب أن تدخلني معك في دينك. فقال له اليهودي: لا أدخلك في ديني حتى تبوء بنصيبك من غضب الله. فقال: من غضب الله أفر، فانطلق حتى أتى نصرانياً، فقال له: أحب أن تدخلني معك في دينك. فقال: لست أدخلك في ديني حتى تبوء بنصيبك من الضلالة. فقال: من الضلالة أفر، قال له النصراني: فإني أدلك على دين إن اتبعته اهتديت. قال له: أي دين؟ قال: دين إبراهيم. قال: فقال: اللهم، إني أشهدك أني على دين إبراهيم، عليه أحيا، وعليه أموت. قال: فذكر شأنه للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: هو أمةٌ وحده يوم القيامة.
قالوا: وجاء ابنه إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، إن أبي كان كما رأيت وكما بلغك، فاستغفر له. قال: نعم، فإنه يبعث يوم القيامة أمةً وحده.
وعن حجير بن أبي إهاب قال:
رأيت زيد بن عمرو، وأنا عند صنم بوانة بعد ما رجع من الشام، وهو يراقب الشمس، فإذا زالت استقبل الكعبة فصلى ركعةً وسجدتين، ثم يقول: هذه قبلة إبراهيم وإسماعيل، لا أعبد حجراً، ولا أصلي له، ولا آكل ما ذبح له، ولا أستقسم بالأزلام، وأنا أصلي إلى هذا البيت حتى أموت. وكان يحج، فيقف بعرفة، وكان يلبي يقول: لبيك لا شريك لك، ولا ند لك، ثم يدفع من عرفة ماشياً وهو يقول: لبيك، متعبداً مرقوماً.
وعن عامر بن ربيعة قال: سمعت زيد بن عمرو بن نفيل يقول: أنا أنتظر نبياً من ولد إسماعيل ثم من بني عبد المطلب، ولا أراني أدركه، وأنا أومن به وأصدقه، وأشهد أنه نبي، فإن طالت بك مدةً