حبيب وربيعة: يا رسول الله، إن أسيد بن أبي أناس هو الذي هرب وتبرأنا إليك منه، وقد نال منك. فأباح رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دمه، وبلغ أسيداً قولهما لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتى الطائف فأقام به، وقال لربيعة وحبيب: من الوافر
فإما أهلكن وتعيش بعدي ... فإنهما عدوٌّ كاشحان
فلما كان عام الفتح كان أسيد في أناسٍ فيمن أهدر دمه، فخرج سارية بن زنيم إلى الطائف فقال له أسيد: ما وراءك؟ قال: أظهر الله نبيه ونصره على عدوه، فاخرج ابن أخي إليه فإنه لا يقتل من أتاه. فحمل أسيد امرأته وخرج وهي حامل تنتظر، وأقبل فألقت غلاماً عند قرن الثعالب، وأتى أسيد أهله، فلبس قميصاً واعتم، ثم أتى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسارية قائمٌ بالسيف عند رأسه يحرسه، فأقبل أسيد حتى جلس بين يدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا محمد، أهدرت دم أسيد؟ قال: نعم. قال: أفتقبل منه إن جاءك مؤمناً؟ قال: نعم. قال: فوضع يده في يد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: هذه يدي في يدك أشهد أنك رسول الله وأن لا إله إلا الله. فأمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلاً يصرخ: إن أسيد بن أبي أناس قد آمن، وقد أمنه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ومسح رسول الله وجهه وألقى يده على صدره فيقال: إن أسيد كان يدخل البيت المظلم فيضيء.
فيقال: هذا الشعر لابن أبي أناس، ويقال: لسارية: من الطويل
فما حملت من ناقةٍ فوق كورها ... أبر وأوفى ذمةً من محمد
ولما أنشده من هذه القصيدة:
أأنت الذي يهدي معداً لدينها ... بل الله يهديها وقال لك: اشهد