قال الجنيد: سمعت السري يقول: إن نفسي تطالبني منذ ثلاثين أو أربعين سنة أو أغمس جزرة في دبس فما أطعمتها. وفي حديث بمعناه: وآكلها فما تصح لي.
وقال: أشتهي بقلاً منذ ثلاثين سنة ما أقدر عليه.
وقال: إني لاشتهي الحندقوق منذ ست عشرة سنة والهندباء بخلٍّ منذ ثمان عشرة سنة، وإني لأعجب ممن يتسع كيف يطلق له الاتساع، وهذا عبد الواحد بن زيد يقول: الملح بشبارجات، وإن بلية أبيكم آدم لقمةٌ، وهي أخرجته من الجنة، وهي بليتكم إلى أن تقوم الساعة.
قال سري السقطي: أتاني حسين الجرجاني إلى عبادان فدق علي باب الغرفة التي كنت فيها فخرجت إليه فقال لي: سري؟ فقلت: سري. فقال لي: ملحك مدقوقة؟ قلت: نعم، قال: لا تفلح. ثم قال: سري، لولا أن الله تعالى عقم الآذان عن فهم القرآن ما زرع الزارع، ولا تجر التاجر، ولا تلاقى الناس في الطرقات، ثم مضى فأتعبني وأبكاني.
قال الجنيد بن محمد: ذكر السري بن مغلس يوماً، وأنا أسمعه، السواد فكرهه يعني كره الأكل من السواد أو أن يملك فيها أحد وكان يشدد في ذلك ولا يأكل من بقل السواد، ولا من ثمره. ولا من شيء يعلم أنه منه، ما أمكنه، فرأيت رجلاً يوماً وقد أهدى إليه خرنوباً وقثاء برياً حمله له من أرض الجزيرة فقبله منه. ورأيته قد سر به، وكان يشدد في الورع.