عساكرهم، أمر بالعسكر في أصل الجبل فهبطوا من الثنية نصف النهار فما تكاملوا فيها حتى أمسوا، ثم تكاملوا حين ذهب أول الليل، هذا عسكر واحد من عساكرهم فما ظنك بمن بقي؟ قال عمر: لولا أني ربما كرهت الشيء من أمرهم يصنعونه فإذا الله يخير لهم في عواقبه، لكان هذا رأي أنا له كاره، أخبرني أجمع رأي جماعتهم على التحول؟ قال: قلت: نعم قال: فإن الله إن شاء الله لم يكن يجمع رأيهم إلا على ما هو خير لهم.
حدث العتبي عن أبيه قال: جاشت الروم وغزوا المسلمين براً وبحراً، فاستعمل معاوية على الصائفة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فلما كتب عهده قال: ما أنت صانع بعهدي؟ قال: اتخذه إماماً لا أعصيه، قال: أردد علي عهدي قال: أتعزلني بعد أن وليتني قبل أن تخبرني؟ أما والله ولو كنا ببطن مكة على السواء ما فعلت هذا. قال: لو كنا ببطن مكة على السواء كنت أنا معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمية وكنت عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وكان منزلي بالأبطح حيث ينشق عنه الوادي، وكان منزلك بأجياد أسفله عذرة وأعلاه مدرة، ثم بعث إلى سفيان بن عوف الغامدي فكتب له عهده ثم قال: ما أنت صانع بعهدي؟ قال: اتخذه إماماً ما أم الحرم فإذا خالفه خالفته، فقال معاوية: هذا والله الذي لا يكفكف من عجلة، ولا يدفع في ظهره من بطء، ولا يضرب على الأمر ضرب الجمل الثقال، قال فخرج فاحتضر، فاستعمل على الناس عبد الله بن مسعود الفزاري، فقال: يا بن مسعود، إن فتحاً كبيراً وغنماً عظيماً أن ترجع بالناس لم ينكبوا ولم ينكوا فاقحم بالناس فنكب، فقال شاعر أهل الشام: الطويل
أقم يا بن مسعود قناة قويمة ... كما كان سفيان بن عوف يقيمها
سم يا بن مسعود مدائن قيصر ... كما كان سفيان بن عوف يسومها
فلما رجع دخل على معاوية فقال:
أقم يا مسعود قناة قويمة ... كما كان سفيان بن عوف يقيمها
فقال: يا أمير المؤمنين، إن عذري في ذلك أني ضمت إلى رجل لا يضمّ