إلى مثله الرجال، فقال معاوية: إن من فضلك عندي معرفتك من هو أفضل منك.
حدث بعض المشايخ قال: كنا مع سفيان بن عوف الغامدي شاتين بأرض الروم، فلما ضفّنا دعا سفيان الخيول، فاختار ثلاثة آلاف، فأغار بنا على باب الذهب حتى فرغ أهل القسطنطينية وضربوا بنواقيسهم ثم لقونا فقال: ما شأنكم يا معشر العرب؟ وما جاء بكم؟ قلنا: لنخرب مدينة الكفر ويخربها الله على أيدينا، فقالوا: ما ندري أخطأتم الحساب، أم كذب الكتاب، أم استعجلتم القدر، والله إنا لنعلم أنها ستفتح يوماً ولكنا لا نرى هذا زمانها.
قال يحيى بن يحيى الغساني: إن سفيان بن عوف كان تثنى له وسادة فما يقوم حتى يحمل على ألف قارح.
قال محمد بن عمر الواقدي:
إن سفيان ساح في أرض العدو حتى بلغ الزنداق واسمه بالرومية خازقاً، فأدرك سفيان أجله، فلما ثقل قال للناس: إني لمآبي، فأقيموا علي ثلاثة أيام، فأقاموها عليه فمات في اليوم الثالث، وقد أوصى من استخلف وقال: ادخلوا علي الأمراء الأجناد والأشراف من كل جند، فوقعت عينيه على عبد الرحمن بن مسعود الفزاري فقال: أدن مني يا أخا فزارة ففعل فقال له: إنك لمن أبعد العرب مني نسباً، ولكني قد أعلم أن لك نية حسنة وعفافاً، وقد استخلفتك على الناس، فاتق الله يجعل لك من أمرك مخرجاً، وأرد للمسلمين السلامة، واعلم أن قوماً على مثل حالكم يفقدوا أميرهم إلا اختلفوا لفقده، وانتشر عليهم أمرهم، وإن كان كثيراً عددهم، فظاهر جلدهم، إن فتحاً على المسلمين كبيراً أن تقفل بهم ولم يكملوا، ثم مات. فتكت عليه العرب جميعاً حتى كأنه كان لهم ولداً، فلما بلغ معاوية وفاته كتب إلى أمصار المسلمين وأجناد العرب ينعاه لهم، فبكي عليه في كل مسجد، وقام عبد الرحمن بن مسعود بالأمر بعده، قال: فكان معاوية إذا رأى في الصوائف خللاً قال: وأسفياناه ولا سفيان لي. وقيل: إن سفيان كان لا يجيز في العرض رجلاً إلا بفرس ورمح