للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا محمد، علامته أنه يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم، وهذا زمانه الذي يخرج فيه قد تقارب، وأما أنا فأني شيخ كبير ولا أحسبني أدركه، فإن أدركته أنت فصدقه واتبعه، قلت: وإن أمرني بترك دينك وما أنت عليه. قال وإن أمرك، فإن الحق بما يجيء به ورضي الرحمن فيما قال. قال: فلم يمض إلا يسير حتى استيقظ فزعاً يذكر الله، فقال: يا سلمان، مضى الفيء من هذا المكان ولم أذكر الله، أين ما جعلت على نفسك؟ قلت: أخبرتني إنك لم تنم منذ كذا وكذا، ورأيت بعض ذلك، فأحببت أن تشتفي من النوم، فحمد الله وقام.

فخرج وتبعته فمر بالمقعد فقال المقعد: يا عبد الله، دخلت فسألتك فلم تعطني. وخرجت فسألتك فلم تعطني، فقام ينظر هل يرى أحداً فلم يره، فدنا منه فقال: ناولني يدك فناوله فقال: قم بسم الله، فقام كأنه نشط من عقال، صحيحاً لا عيب به، فخلى عن يده، فانطلق ذاهباً، وكان لا يلوي على أحد، ولا يقوم عليه، فقال لي المقعد: يا غلام، احمل علي ثيابي حتى أنطلق وأبشر أهلي، فحملت عليه ثيابه، وانطلق لا يلوي على أحد، فخرجت في أثره أطلبه، وكلما سألت عنه قالوا أمامك، حتى لقيني ركب من كلب فسألتهم. فلما سمعوا لغتي أناخ رجل بعيره، فحملني خلفه حتى أتوا بي بلادهم، فباعوني، فاشترتني امرأة من الأنصار فجعلتني في حائط لها. وقدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرت به، فأخذت شيئاًً من تمر حائطي فجعلته على يدي ثم أتيته، فوجدت عنده أناساً، وإذا أبو بكر أقرب القوم منه، فوضعته بين يديه، فقال: ما هذا؟ قلت: صدقة، قال للقوم: كلوا، ولم يأكل هو، ثم لبثت ما شاء الله، ثم أخذت مثل ذلك وأتيته، فوجدت عنده أناساً، وإذا أبو بكر أقرب القوم منه، فوضعته بين يديه، فقال: ما هذا قلت هدية. قال: بسم الله، فأكل وأكل القوم، قال: قلت في نفسي: هذه من آياته، كان صاحبي رجلاً أعجمياً فلم يحسن يقول تهامة فقال: تهمة، وقال: أحمد، فدرت خلفه ففطن لي فأرخى ثوبه، فإذا الخاتم في ناحية كتفه الأيسر، فتبينته، ثم درت حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>