جلست بين يديه، فقلت: اشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، قال: من أنت؟ قلت: مملوك فحدثته حديثي وحديث الرجل الذي كنت معه، وما أمرني به، قال: لمن أنت؟ قلت: لامرأة من الأنصار جعلتني حائطاً لها، قال: يا أبا بكر، قال: لبيك قال: اشتره. قال: فاشتراني أبو بكر، فأعتقني. فلبثت ما شاء الله أن ألبث، ثم أتيته، فسلمت عليه، وقعدت بين يديه فقلت: يا رسول الله، ما تقول في النصارى؟ قال: لا خير فيهم ولا في دينهم. فدخلني أمر عظيم، فقلت في نفسي: هذا الذي كنت معه، ورأيت ما رأيت ثم رأيت أخذ بيده المقعد، فأقامه الله على يديه لا خير في هؤلاء ولا في دينهم، فانصرفت وفي نفسي ما شاء الله عزّ وجلّ، فأنزل الله عزّ وجلّ على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ذلك أن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون " إلى أخر القصة، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: علي بسلمان، فأتاني الرسول، فدعاني وأنا خائف، فجئت فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم " ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون " إلى آخر الآية، فقال: يا سلمان، أولئك الذين كنت معهم وصاحبك لم يكونوا نصارى إنما كانوا مسلمين، فقلت: يا رسول الله، فوالذي بعثك بالحق لهو الذي أمرني باتباعك، فقلت له: وإن أمرني بترك دينك وما أنت عليه فأتركه؟ قال: نعم، فاتركه، فإن الحق وما يحبّ الله فيما يأمرك.
وفي حديث أخر: وكان ليهود فاشتراه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكذا وكذا درهماً، وعلى أن يغرس نخلاً، فيعمل بها سلمان حتى تطعم، فغرس رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النخل إلا نخلة واحدة غرسها عمر فحملت النخل من عامها ولم تحمل نخلة، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما شأن هذه؟ قال عمر: يا رسول الله، أنا غرستها قال: فنزعها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم غرسها فحملت من عامها.
وعن سلمان الفارسي أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أملى الكتاب على علي بن أبي طالب: هذا ما فادى محمد بن عبد الله رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدى سلمان الفارسي من عثمان بن الأشهل اليهودي ثم القرظي بغرس ثلاث مئة نخلة وأربعين أوقية ذهباً، فقد برئ محمد بن عبد الله رسول الله لثمن الفارسي، وولاؤه لمحمد بن عبد الله رسول الله وأهل بيته، وليس