وعن الربيع قال: كان رجال يسعون إلى مجلس رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منهم بلال وصهيب وسلمان، فيجيء أشراف قومهم وساداتهم، وقد أخذ هؤلاء المجلس فيجلسون إليه، فقالوا: صهيب رومي، وسلمان فارسي، وبلال حبشي يجلسون عنده، ونحن نجيء ونجلس ناحية، فذكروا ذلك لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقالوا: إنا سادة قومك وأشرافهم، فلو أدنيتنا منك إذا جئنا، فهم أن يفعل فأنزل الله تعالى هذه الآية يعني قوله عزّ وجلّ:" ولا تطرد الذين يدعون ربهم ".
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: جاء قيس بن مطاطية إلى حلقة فيها سلمان الفارسي وصهيب الرومي وبلال الحبشي فقال: هذا الأوس والخزرج قد قاموا بنصرة هذه الرجل فما بال هؤلاء فقام إليه معاذ بن جبل فأخذ تلبيبه، ثم أتى به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره مقالته، فقام النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجر رداءه حتى دخل المسجد، ثم نودي الصلاة جامعة، وقال: أيها الناس، إن الربّ واحد والأب أبّ واحد، وليست العربية بأحدكم من أب ولا أم وإنما هي اللسان، فمن تكلم العربية فهو عربي، فقام معاذ بن جبل وهو آخذ بتلبيبه قال: فما تأمرنا بهذا المنافق يا رسول الله؟ قال: دعه، إلى النار، فكان قيس ممن ارتد في الردة فقتل.
وعن أبي هريرة قال: تخطّى سلمان الفارسي رضي الله عنه حلقة قريش وهم عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مجلسه، فالتفت إليه رجل منهم فقال: ما حسبك ونسبك، وبم اجترأت أن تتخطى حلقة قريش؟! قال: فنظر إليه سلمان الفارسي فأرسل عينيه وبكى وقال: سألتني عن حسبي ونسبي، خلقت من نطفة قذرة، فأما اليوم ففكرة وعبرة، وغداً جيفة منتنة، فإذا نشرت الدوافن، ونصبت الموازين، ودعي الناس لفصل القضاء فوضعت في الميزان فإن أرجح الميزان فأنا شريف كريم، وإن أنقص الميزان فأنا اللئيم الذليل، فهذا حسبي وحسب الجميع، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صدق سلمان، صدق سلمان، صدق سلمان، من أراد أن ينظر إلى رجل نوّر قلبه فلينظر إلى سلمان.