معهم، ثم يدعى بأهل خطيئة أخرى فتقوم معهم، فأراك يا أعرج تقوم مع أهل كل خطيئة.
قال هشام بن عبد الملك لأبي حازم: يا أبا حازم، ما النجاة من هذه الأمر؟ قال: يسير، قال: ما ذاك؟ قال: لا تأخذن شيئاً إلا من حله، ولا تضعن شيئاً إلا في حقه، قال: ومن يطيق ذلك يا أبا حازم؟ قال: من طلب الجنة وهرب من النار.
قال الزهري لسليمان أو هشام: ألا تسأل أبا حازم ما قال في العلماء؟ قال: يا أبا حازم، ما قلت في العلماء؟ قال: وما عسيتُ أن أقول في العلماء إلا خيراً! إني أدركت العلماء وقد استغنوا بعملهم عن أهل الدنيا، ولم يستغن أهل الدنيا بدنياهم عن علمهم، فلما رأى ذلك هذا وأصحابه تعلموا العلم، فلم يستغنوا به، واستغنى أهل الدنيا بدنياهم عن علمهم، فلما رأوا ذلك قذفوا بعلمهم إلى أهل الدنيا، ولم ينلهم أهل الدنيا من دنياهم عن علمهم شيئاً، إن هذا وأصحابه ليسوا علماء إنما هم رواة، قال الزهري: إنه جاري منذ حين وما علمت أن هذا عنده. قال: صدق، أما إني لو كنت غنياً عرفني. قال. فقال له سليمان: ما المخرج مما نحن فيه؟ قال: تمضي ما في يديك بما أمرت به، وتكف عما نهيت عنه. قال: سبحان الله! ومن يطيق هذا قال: من طلب الجنة، وفرّ من النار، وما هذا فيما تطلب وتفر منه بقليل.
أرسل بعض الأمراء إلى أبي حازم فأتاه، وعنده الإفريقي والزهري وغيرهما، فقال له: تكلم يا أبا حازم، فقال: أبو حازم: إنَ خير الأمراء من أحبّ العلماء، وإن شرّ العلماء من أحبّ الأمراء، وكان فيما مضى إذا بعث الأمراء إلى العلماء لم يأتوهم، وإذا أعطوهم لم يقبلوا منهم، وإذا سألوهم لم يرخصوا لهم، وكان الأمراء يأتون العلماء في بيوتهم، فيسألونهم وكان في ذلك صلاح للأمراء وصلاح للعلماء، فلما رأى ذلك ناس من الناس قالوا: ما لنا لا نطلب العلم حتى يكون مثل هؤلاء، فطلبوا العلم، فأتوا الأمراء،