للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان ينشد: من البسيط

الدهر أدّبني والصّبر ربّاني ... والقوت أقنعني واليأس أغناني

وأحمكتني من الأيام تجربة ... حتى نهيت الذي كان ينهاني

وقال أبو حازم: إن كان يغنيك من الدنيا ما يكفيك فأدنى عيش الدنيا يكفيك، وإن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس شيء يكفيك.

وقال: ثلاث من كنّ فيه كمل عقله، ومن كانت فيه واحدة كمل ثلث عقله، من عرف نفسه، وحفظ لسانه، وقنع بما رزق الله.

وقال: والله لئن نجونا من شرّ ما أعطينا لا يضرنا ما زوي عنا، وإن كنا قد تورطنا في شرّ ما قد بسط علينا ما نطلب ما بقي إلا حمقاً.

وقال أبو حازم: مثل العالم والجاهل مثل البنّاء والرقّاص، تجد البنّاء على الشاهق والقصر، معه حديدته جالساً، والرقاص يحمل اللبن والطين على عاتقه على خشبة تحته مهواة، لو زل ذهبت نفسه، ثم يتكلف الصعود بها على هول ما تحته، حتى يأتي بها إلى البنّاء، فلا يزيد البنّاء على أن يعدلها بحديدته وبرأيه وبقدرته، فإذا سلما أخذ البنّاء تسعة أعشار الأجرة وأخذ الرقاص عشراً، وإن هلك ذهبت نفسه، فكذلك العالم يأخذ أضعاف الأجر لعمله.

قال أبو حازم: أتاني رجل فقال لي: إني رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبا بكر وعمر خرجوا من هذا الباب، وقالوا: إلى أين يا رسول الله؟ قال: إلى أبي حازم نذهب به معنا، وقال ثم يقول أبو حازم أللهم حقق وعجل.

قال أبو حازم لما حضرة الموت: ما آسى عل شيء فاتني من الدنيا إلا ذكر الله، وإن هذا الليل والنهار لا يأتيان

<<  <  ج: ص:  >  >>