إذ أقبل يتقاضون إليه، ويرجزن الفرج من عنده لشيء شجر بينهم إذ هتف هاتف من الصنم فجعل يقول: من الرجزقمنا حتى قدم علينا الحاج، فأخبرونا بمبعثك يا رسول الله. وعن ابن عباس: أن قريشاً أتو امرأة كاهنة فقالوا لها: أخبرينا يا شهنا بصاحب المقام، يعنون إبراهيم، فقالت: إن أنتم جرزتم كبشاً على هذه السهلة، ثم مشيتم عليها، أنبأتكم. قال: فجرزوا ثم مشى الناس عليها، فأبصرت أثر محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: هذا أقربكم إليه شبهاً، فمكثوا بعد ذلك عشرين سنة أو ما شاء الله تعالى، ثم بعث الله محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. حدث رجال من خثعم، قال: كانوا يقولون: إن مما دعانا إلى الإسلام أنا كنا قوماً نعبد الأوثان، فبينا نحن ذات يوم عند وثن لنا إذ أقبل يتقاضون إليه، ويرجزن الفرج من عنده لشيء شجر بينهم إذ هتف هاتف من الصنم فجعل يقول: من الرجز
يا أيها الناس ذوو الأجسام ... من بين أشياخٍ إلى غلام
ما أنتم وطائش الأحلام ... ومسند الحكم إلى الأصنام
أكلكم في حيرة المنام ... أم لا ترون ما أرى أمامي
من ساطع يجلو دجى الظلام ... قد لاح للناظر من تهام
ذاك نبي سيد الأنام ... قد جاء بعد الكفر بالإسلام
أكرمه الرحمن من إمام ... ومن رسولٍ صادق الكلام
أعدل ذي حكمٍ من الحكام ... يأمر بالصلاة والصيام
البر والصلات للأرحام ... ويزجر الناس عن الآثام
والرجس والأوثان والحرام ... من هاشم في ذروة السنام
مستعلياً في البلد الحرام
قال: فلما سمعنا ذلك تفرقنا عنه، وأتينا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلمنا. وعن طلحة قال: وجد في البيت كتاب في حجر منقور في الهدمة الأولى فدعي رجلٌ فقرأه فإذا فيه: عبدي المنتخب المتمكن المنذر المختار، مولده بمكة، ومهاجره طيبة، لا يذهب حتى يقيم السنة العوجاء، ويشهد أن لا إله إلا الله، أمته الحمادون يحمدون الله عز وجل بكل أكمة، يأتزرون على أوساطهم، ويظهرون أطرافهم. لما حضرت الأوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر الوفاة اجتمع إليه قومه من غسان فقالوا: إنه قد حضر من أمر الله عز وجل ما ترى، وقد كنا نأمرك بالتزويج في شبابك فتأبى، وهذا أخوك الخزرج له خمس بنين، وليس لك ولد غير مالك، فقال: لن يهلك هالك، ترك مثل مالك، إن الذي يخرج النار من الوثيمة قادر أن يجعل لمالك نسلا