ورجالاً بسلاً، وكل إلى موت، ثم أقبل على مالك فقال: أي بني، المنية ولا الدنية، العقاب ولا العتاب، التجلد ولا التلذذ، القبر خير من الفقر، إنه من قل ذل، ومن كرم الكريم الدفع عن الحريم، والدهر يومان: فيوم لك ويوم عليك، فإذا كان لك فلا تبطر، وإذا كان عليك فاصطبر، وكلاهما سينحسر، ليس ينفلت منها الملك المتوج ولا اللئيم المعلهج، سلم ليومك حيال ربك، ثم أنشأ يقول: من الطويل
شهدت السبايا يوم آل محرقٍ ... وأدرك عمري صيحة الله في الحجر
فلم أر ذا ملكٍ من الناس واحداً ... ولا سوقة إلا إلى الموت والقبر
فعل الذي أردى ثموداً وجرهماً ... سيعقب لي نسلاً على آخر الدهر
تقر بهم من آل عمرو بن عامر ... عيونٌ لذي الداعي إلى طلب الوتر
فإن تكن الأيام أبلين جدتي ... وشيبن رأسي والمشيب مع العمر
فإن لنا رباً علا فوق عرشه ... عليها بما تأتي من الخير والشر
ألم يأتي قومي أن لله دعوةً ... يقول بها أهل السعادة والبشر
إذا بعث المبعوث من آل غالبٍ ... بمكة فيما بين زمزم والحجر
هنالك فابغوا نصره ببلادكم ... بني عامرٍ إن السعادة في النصر