قال شبيب: قال لي أبو جعفر " كنت في سماره -: عظني وأوجز. فقلت: يا أمير المؤمنين، إن الله لم يرض من نفسه أن جعل فوقك أحداً من خلقه، فلا ترض له من نفسك بأن يكون عبد هو أشكر منك. قال: والله، لقد أوجزت وقصرت قال: قلت: والله، لئن كنت قصرت فما بلغت كنه النعمة فيك.
دخل شبيب يوماً على الهدي فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، إن الله لما قسم الأقسام لم يرض لك من الدنيا إلا أسناها وأعلاها، فلا ترض لنفسك من الآخرة إلا مثل ما رضي الله لك به من الدنيا، وعليك يا أمير المؤمنين بتقوى الله، فإنها عليكم نزلت، ومنكم قبلت، وإليكم ترد.
قال شبيب: كان لي مجلس من المهدي في عشية كل خميس خامس خمسة، فذكر يوماً عيسى بن زيد حين توارى، فقال: غمض علي أمره فما ينجم لي منه شيء، ولقد خفته على المسلمين أن يفتنهم فلما سكت قلت: وما يعنيك من أمره؟ فوالله لا يجتمع عليه اثنان، وما هو لذلك بأهل. قال: فرأيته يكره ما أقول، فقطعت كلامي. فلما سكت قال: والله، ما هو كما قلت، هو والله المحقوق أن يتبع وأن يشق العصا. فلما فرغ قمت وخرجت، فقال للفضل بن الربيع: احجبه عن هذا المجلس. فحجبني أشهراً ثم حضرت فقال الفضل بن ربيع: يا أمير المؤمنين، هذا شبيب بالباب فقال: ائذن له. فلما دخلت قال: مرحباً بابي المعتمر - وكذا كان يكنيني " وكان يكنى أبا معمر " أبقاك الله طويلاً، فإن في بقاء مثلك صلاحاً للعامة والخاصة. فلما سكت قلت: يا أمير المؤمنين، إني وإياك كما قال رؤبة لبلال بن أبي بردة:
إني وقد تعنى أمور تعتني ... على طريق العذر إن عذرتني
فلا وربّ الآمنات القطّن ... ما آيب سرك إلا سرني
شكراً وإن عزّك أمر عزني ... ما الحفظ أما النصح إلا أنني
أخوك والراعي لما استرعيتني ... إ، ي وإن لم ترني كأنني
أراك بالغيب وإن لم ترني ... من غشّ أو ونى فإني لا أني