قال: صدقت يا فضل، ردوه إلى مجلسه وأمر له بعشرة آلاف درهم.
خرج شبيب بن شيبة من دار المهدي فقيل له: كيف تركت الناس؟ قال: تركت الداخل راجياً والخارج راضياً.
قال موسى بن إبراهيم: كان شبيب بن شيبة يصلي بنا في المسجد الشارع في مربعة أبي عبيد الله، فصلى بنا يوماً الصبح فقرأ بالسجدة: و" هل أتى على الإنسان " فلما قضى الصلاة قام رجل فقال: لا جزاك الله عني خيراً، فإني كنت غدوت لحاجة. فلما أقيمت الصلاة دخلت أصلي، فأطلت حتى فاتتني حاجتي. قال: وما حاجتك؟ قال: قدمت من الثغر في شيء من مصلحته وكنت وعدت البكور إلى دار الخليفة لأتنجز ذلك. قال: فأنا أركب معك. فركب معه ودخل على المهدي فأخبره الخبر. قال: فتريد ماذا؟ قال: قضاء حاجته، فقضى حاجته وأمر له بثلاثين ألف درهم، فدفعها إلى الرجل، ودفع إليه شبيب من ماله أربعة آلاف درهم قال له: لم تضرك السورتان.
قال الأصمعي: أخبرني من رأى شبيب بن شيبة المنقري وقد اشتد حجاب المهدي عليه، وهو يطلب الوصول فلا يصل فقال: يا أبا معمر، جاهك وقدرك وشرفك تذل نفسك هذا الذل؟؟؟؟؟؟؟! قال: اسكت نذلّ لهم لنعز عند غيرهم، فإنه من رفعوه ارتفع، ومن وضعوه اتضع.
كان شبيب بن شيبة رجلاً شريفاً يفزع إليه أهل البصرة في حوائجهم، فكان يغدو في كل يوم ويركب، فإذا أراد أن يغدو أكل ن الطعام شيئاً قد عرفه، فنال منه ثم ركب فقيل له: إنك تباكر للغداء، فقال: أجل أطفئ به فورة جوفي وأقطع به خلوف فمي، وأبلغ به في قضاء حوائجي، فإني وجدت خلاء الجوف وشهوة الطعام يقطعان الحليم عن بلوغه في حاجته، ويحمله ذلك على التقصير فيما به إليه الحاجة، فإني رأيت النهم لا مروءة له، ورأيت الجوع داء من الداء، فخذ من الطعام من يذهب به عنك النهم، وتداو به من داء الجوع.
قال شبيب بن شيبة لرجل من قريش كلمة فلم يحمد أدبه فقال: يا بن أخي، الأدب الصالح خير من النسب المضاعف وعز الشريف أدبه.