للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان شريح إذا قيل له: ممن أنت؟ قال: ممن أنعم الله علي بالإسلام ثم عديد لكندة. ويقال إنه إنما خرج إلى المدينة لأن أمه تزوجت بعد أبيه فاستحيا من ذلك فخرج، وكان شاعراً عائفاً زاجراً قائفاً كوسجاً، لا لحية له.

العائف: الذي يعيف الطير أن يزجرها. ولم يرد من قال: إنه عائف: هذه العيافة، وكيف يريد هذا؟ وقد روي أن العيافة من الجبت ولكنه أراد أنه مصيب الظن صادق الحدس، فكأنه عائف. وهذا كما يقال: ما أنت إلا ساحر إذا كان رقيقاً لطيفاً، وما أنت إلا كاهن إذا أصاب بظنه. والقائف الذي يعرف الآثار ويتبعها ويعرف شبه الرجل في ولده وأخيه.

كان مالك بن أنس يقول: كان أهل البصرة عندنا هم أهل العراق وهم الناس. ولقد كان بالكوفة رجال: علقمة والأسود وشريح، حتى وثب إنسان يقال له حماد فاعترض هذا الدين، فقال فيه برأيه ففسد الناس، فالله المستعان " وللبسنا عليهم ما يلبسون ".

قيل لشريح: بأي شيء أصبت هذا العلم؟ قال: بمفاوضة العلماء، آخذ منهم وأعطيهم.

قال الشعبي: أخذ عمر بن الخطاب فرساً من رجل على سوم فحمل عليه رجلاً فعطب عنده فخاصمه فقال: اجعل بيني وبينك رجلاً. فقال الرجل: فإني أرضى بشريح العراقي، فأتوا شريحاً فقال شريح لعمر: أخذته صحيحاً سليماً فأنت له ضامن حتى ترده صحيحاً سالماً، فأعجب عمر بن الخطاب فبعثه قاضياً.

حدث شريح أن عمر بن الخطاب كتب إليه: إن جاءك شيء في كتاب الله فاقض به ولا يلفتنك عنه الرجال، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله فانظر سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاقض بها، فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>