جاءك ما ليس في كتاب الله ولم يكن به سنة من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فانظر ما أجمع عليه الناس فخذ به، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله، ولم يكن به سنة من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يتكلم فيه أحد قبلك فاختر أي الأمرين شئت: إن شئت أن تجتهد رأيك ثم تقدم فتقدم، وإن شئت أن أتأخر فتأخر. ولا أرى التأخير إلا خيراً لك.
وعن هبيرة بن يريم أن علياً جمع الناس في الرحبة وقال: إني مفارقكم فاجتمعوا في الرحبة، رجال أيما رجال، فجعلوا يسألونه حتى نفد ما عندهم ولم يبق إلا شريح فجثا على ركبتيه وجعل يسأله، فقال له علي: اذهب فأنت أقضى العرب.
قال الشعبي:
خرج علي بن أبي طالب عليه السلام إلى السوق، فإذا هو بنصراني يبيع درعاً فعرف علي الدرع، فقال: هذه درعي، بيني وبينك قاضي المسلمين. ((وكان قاضي المسلمين شريح، كان علي استقضاه. فلما رأى شريح أمير المؤمنين قام من مجلس القضاء وأجلس علياً في مجلسه وجلس شريح قدامه إلى جنب النصراني، فقال علي: أما يا شريح لو كان خصمي مسلماً لقعدت معه مجلس الخصم ولكني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: لا تصافحوهم ولا تبدؤوهم بالسلام ولا تعودوا مرضاهم، ولا تصلوا عليهم، وألجئوهم إلى مضائق الطريق، وصغروهم كما صغرهم الله. اقض بيني وبينه يا شريح. قال: فقال شريح: ما تقول يا أمير المؤمنين؟ قال: فقال علي: هذه درعي ذهبت مني منذ زمان. قال: فقال شريح: ما تقول يا نصراني؟ فقال النصراني: ما أكذب أمير المؤمنين، الدرعي هي درعي. قال: فقال شريح: ما أرى أن تخرج من يده فهل من بينة؟ فقال علي: صدق شريح. قال: فقال النصراني: أما أنا فأشهد أن هذه أحكام الأنبياء، أمير المؤمنين يجيء إلى قاضيه وقاضيه يقضي عليه، هي والله يا أمير المؤمنين درعك اتبعتك من الجيش وقد زالت عن جملك الأورق فأخذتها، فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. قال: فقال علي عليه السلام: أما إذ أسلمت فهي لك وحمله على فرس عتيق. قال الشعبي: لقد رأيته يقاتل المشركين.