عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" بكى شعيب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حب الله حتى عمي، فرد عليه بصره وأوحى إليه: يا شعيب، ما هذا البكاء أشوقاً إلى الجنة أم خوفاً من النار؟ فقال: إلهي وسيدي، أنت تعلم أني ما أبكي شوقاً إلى جنتك، ولا خوفاً من النار، ولكن اعتقدت حبك بقلبي، فإذا نظرت إليك فما أبالي ما الذي تصنع بي، فأوحى الله إليه: يا شعيب، إن يكن ذلك حقاً فهنيئاً لك لقائي. يا شعيب، لذلك أخدمتك موسى بن عمران كليمي.
وعن ابن عباس أنه جاءه رجل فقال: يا بن عباس، إني أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر. قال: أوبلغت ذلك؟ قال: أرجو. قال: فإن لم تخش أن تفتضح بثلاثة أحرف في كتاب الله عزّ وجلّ فافعل. قال: وما هن؟ قال: قوله عزّ وجلّ " أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم " أحكمت هذه الآية؟ قال: لا. قال: فالحرف الثاني؟ قال: قوله " لم تقولون ما لا تفعلون " أحكمت هذه الآية؟ قال: لا. قال: فالحرف الثالث؟ قال: قول العبد الصالح شعيب على نبينا وعليه الصلاة والسلام " وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه " أحكمت هذه الآية؟ قال: لا. قال: فابدأ بنفسك.
قال ابن عباس في قوله " فأخذتهم الصيحة " يعني قوم شعيب قال: جاءت صيحة، وذلك أن جبريل نزل فوقف عليهم فصاح صيحة رجفت منها الجبال والأرض، فخرجت أرواحهم من أبدانهم فذلك قوله " فأخذتهم الرجفة " وذلك حين سمعوا الصيحة قاموا قياماً، وفزعوا لها، فرجفت بهم الأرض فرمتهم ميتين. يقول الله عزّ وجلّ: " ألا بعداً لمدين كما بعدت ثمود " يقول: ألا سحقاً لهم.