وبعث الله جبريل إلى أهل مدين شطر الليل ليأفك بهم مغانيهم، فألفى رجلاً قائماً يتلو كتاب الله عزّ وجلّ، فهاله أن يهلكه فيمن يهلك فرجع إلى المعراج فقال: اللهم، أنت سبوح قدوس بعثتني إلى مدين لآفك مغانيهم فأصبت رجلاً قائماً يتلو كتاب الله عزّ وجلّ فهالني أن أهلكه فيمن أهلك، فأوحى الله تعالى: ما أعرفني به، هو فلان بن فلان فابدأ به، فإنه لم يدفع عن محاربتي إلا موادعاً.
وقيل: كان أصحاب الأيكة أصحاب غيضة بين ساحل البحر إلى مدين. قال تعالى:" كذب أصحاب الأيكة المرسلين إذ قال لهم شعيب " ولم يقل أخوهم، لأنه لم يكن من جنسهم. وقوله عزّ وجلّ:" فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم ".
قال ابن عباس: أرسل الله عليهم سموماً من جهنم فأطاف بهم سبعة أيام حتى أنضجهم الحر، فحميت بيوتهم، وغلت مياههم في الآبار والعيون، فخرجوا من منازلهم ومحلهم هاربين. قال: والسموم معهم، فسلط الله عليه الشمس من فوق رؤوسهم، فبغتتهم حتى تفلقت منها جماجمهم، وسلط عليهم الرمضاء من تحت أرجلهم حتى تساقطت لحوم أرجلهم، ثم أنشأ لهم ظلة كالسحابة السوداء. فلما رأوها ابتدروها، يستعينون بظلها، تبردهم ما هم فيه من الحر حتى إذا كانوا تحتها جميعاً أطبقت عليهم فهلكوا، ونجى الله عزّ وجلّ شعيباً والذين آمنوا معه رحمة منه وحزن على قومه الذين أنزل الله بهم النقمة، ثم قال يعزي نفسه بما ذكر الله عزّ وجلّ:" يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين ".
وقال زيد بن أسلم: قوله " عذاب يوم الظلة " قال: صارت الغمام عليهم ناراً.