للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل لشقيق: ما علامة العبد المباعد المطرود؟ قال: إذا رأيت العبد قد منع الطاعة، واستوحش منها قلبه وحلا له المعصية واستأنس بها، وخفت عليه، ورغب في الدنيا، وزهد في الآخرة، وأشغله بطنه وفرجه لم يبال من أين أخذ الدنيا فاعلم أنه عند الله مباعد لم يرضه لخدمته.

قال شقيق بن إبراهيم: بينا أنا ذات ليلة نائم حيال الكعبة في المسجد الحرام إذ رأيت في منامي ملكين أتياني فوقفا علي، فقال أحدهما لصاحبه: كم حج العام؟ قال له صاحبه: حج ثلاثة: فلان وفلان، وفلان يقال له شقيق. قال: لا، شقيق عليه فضل ثوب. قال: فلما كان قابل حججت في عباء، فبينا أنا راقد في المسجد الحرام رأيتهما في منامي، فقال أحدهما لصاحبه: كم حج العام فقال: ثلاثة فلان وفلان وشقيق، ألا إن الله عزّ وجلّ شفعهم في كل من حج.

كان شقيق يقول: تفسير الحمد على ثلاثة أوجه: أوله إذا أعطاك الله شيئاً تعرف من أعطاك، والثاني أن ترضى بما أعطاك، والثالث ما دام قوته في جسدك أن لا تعصيه.

قال شقيق: من شكا مصيبة نزلت به إلى غير الله لم يجد في قلبه لطاعة الله حلاوة أبداً.

قال حاتم الأصم: كنا مع شقيق البلخي ونحن مصافو الترك في يوم لا أرى فيه إلا رؤوساً تندر، وسيوفاً تقطع، ورماحاً تقصف، فقال لي شقيق ونحن بين الصفين: كيف ترى نفسك يا حاتم في هذا اليوم؟ تراه مثله في الليلة التي زفت إليك امرأتك؟ قلت: لا، والله. قال: لكني والله، أرى نفسي في هذا اليوم مثله في الليلة التي زفت فيها امرأتي. قال: ثم نام بين الصفين ودرقته تحت رأسه حتى سمعت غطيطه. قال حاتم: ورأيت رجلاً من أصحابنا في ذلك اليوم يبكي فقلت: مالك؟ قال: قتل أخي. قال: قلت: حبط أجرك، صار إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>