قال محمد بن عامر: قال لشقيق: متى أوفق العمل الصالح؟ قال: إذا جعلت أحداث يومك وليلتك متقدمة عند الله. قلت: فمتى أتوكل؟ قال: إن اليقين إذا تم بينك وبين الله سمي تمامه توكلاً. قلت: فمتى يصح ذكري لربي؟ قال: إذا سمجت الدنيا في عينيك، وقدمت أملك فيما بين يديك. قلت: فمتى أعرف ربي؟ قال: إذا كان الله لك جليساً ولم تر سواه لنفسك أنيساً. قلت فمتى أحب ربي؟ قال: إذا كان ما أسخطه أمر عندك من الصبر. وكان ما ينزل بك هو الغنم والظفر، وجددت لذلك حمداً وشكراً. قلت: فمتى أشتاق إلى ربي؟ قال: إذا جعلت الآخرة لك قراراً ولم تسمّ لك الدنيا مسكناً. قلت: فمتى أعرف لقاء ربي؟ قال: إذا كنت تقدم على حبيب، وتصدر عن أمل قريب. قلت: متى أستلذ الموت؟ قال: إذا جعلت الدنيا خلف ظهرك، وجعلت الآخرة نصب عينيك، وعلمت أن الله تبارك وتعالى يراك على كل حال، وقد أخفي عليك الدقيق والجليل. قلت: فمتى أكتفي بأهون الأغذية؟ قال إذا عرفت وبال الشهوات غداً وسرعة انقطاع عذوبة اللذات. قلت: متى أوثر الله ولا أوثر عليه سواه؟ قال: إذا أبغضت فيه الحبيب، وجانبت فيه القريب.
قال حاتم: اختلفت إلى شقيق ثلاثين سنة فقال لي يوماً: أيش تعلمت في ترددك إلينا؟ فقلت له: أربعة أشياء، استغنيت بها عن الأشياء كلها. فقال لي: ما هي؟ فقلت: رأيت أن رزقي من عند ربي فلم أشتغل إلا بربي، ورأيت أن ربي قد وكل بي ملكين يكتبان علي كل ما تكلمت به، فلم أتكلم إلا بما يرضي ربي، ولم أتكلم إلا بحق، ورأيت أن الخلق ينظرون إلى ظاهري والله ينظر إلى باطني، فرأيت مراقبته أولى وأوجب فسقط عني رؤية الخلق، ورأيت أن الله داعياً يدعوا الخلق إليه، فاستعددت له متى جاءني لا أحتاج أن يقتلني يعني ملك الموت، فقال له: يا حاتم، ما خاب سعيك.
سئل شقيق البلخي: ما علامة التوبة؟ قال: إدمان البكاء على ما سلف من الذنوب، والخوف المقلق من الوقوع فيها، وهجران إخوان السوء، وملازمة أهل الخير.