للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث آخر: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للعباس بعدما خرج: " احبسه بمضيق الوادي إلى خطم الجبل حتى تمر به جنود الله فيراها ". قال العباس: فعدلت به في مضيف الوادي إلى خطم الجبل. فلما حبست أبا سفيان قال: غدراً يا بني هاشم؟! فقال العباس: إن أهل النبوة لا يغدرون، ولكن لي إليك حاجة. فقال أبو سفيان؛ فهلا بدأت بها أوّلاً، فقلتَ: إن لي إليك حاجة فكان أفرخ لروعي؟ قال العباس: لم أكن أراك تذهب هذا المذهب.

وعبأ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحابه، ومرت القبائل على قادتها، والكتائب على راياتها. فكان أول من قدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خالدُ بن الوليد في بني سُليم، وهم ألف، فيه لواء يحمله عباس بن مرداس، ولواء يحمله خُفاف بن نُدبة، وراية يحملها الحجاج بن عِلاط. قال أبو سفيان: من هؤلاء، قال العباس: خالد بن الوليد. قال: الغلام؟ قال: نعم. فلما حاذى خالد بالعباس وإلى جنبه أبو سفيان كبروا ثلاثاً ثم مضَوا. ثم مر على إثره الزبير بن العوام في خمس مئة، منهم مهاجرون وأفناء الناس، ومعه راية سوداء. فلما حاذى أبا سفيان كبر ثلاثاً، وكبر أصحابه، فقال: من هذا؟ قال: الزبير بن العوام. قال: ابن أخيك؟ قال: نعم. ومرت بنو غفار في ثلاث مئة، يحمل رايتهم أبو ذر الغفاري - ويقال: إيماء بن رَحْضة - فلما حاذوه كبروا ثلاثاً. قال: يا أبا الفضل، من هؤلاء؟ قال: بنو غفار: قال: ما لي ولبني غفار. ثم مضت أسلم في أربع مئة فيها لواءان، يحمل أحدهما بريدة بن الحصيب، والآخر ناجية بن الأعجم. فلما حاذوه كبروا ثلاثاً. فقال: من هؤلاء؟ قال: اسلم. قال: يا ابا الفضل، مالي ولأسلم، وما كان بيننا وبينها تِرَة قط. قال العباس: هم قوم مسلمون، دخلوا في الإسلام. ثم مرت بنو كعب بن عَمرو في خمس مئة، يحمل رايتهم بشر بن سفيان. قال: من هؤلاء؟ قال: بنو كعب بن عمرو. قال: نعم، هؤلاء حلفاء محمد. فلما حاذَوه كبّروا ثلاثاً. ثم مرت مزينة في ألف، فيها ثلاثة ألوية، وفيها مئة فرس، يحمل ألويتها النعمان بن مَقرِّن، وبلال بن الحارث، وعبد الله بن عمرو. فلما حاذوه كبروا، فقال: من هؤلاء؟ قال: مزينة. قال: يا أبا الفضل، مالي ولمزينة، قد جاءتني تُقعقع من شواهقها. ثم مرت جهينة في ثمان مئة مع قادتها، فيها أربعة ألوية: لواء من أبي رَوْعة معبد بن خالد، ولواء من سويد بن صخر،

<<  <  ج: ص:  >  >>