ولواء مع رافع بن مَكِيث، ولواء مع عبد الله بن بدر. قال: فلما حاذوه كبروا ثلاثاً. ثم مرت كنانة، بنو ليث وضمرة وسعد بن بكر في مئتين يحمل لواءهم أبو واقد الليثي. فلما حاذوه كبروا ثلاثاً، فقال: من هؤلاء؟ قال: بنو بكر. قال: نعم، أهل شؤم، والله. هؤلاء الذين غزانا محمد بسببهم. أما والله ما شُوورت فيه، ولا علمته، ولقد كنت له كارهاً حيث بلغني، ولكنه أمرٌ حُمّ. قال العباس: قد خار الله لك في غزو محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكم ودخلتم في الإسلام كافة.
وفي حديث آخر قال:
مرت بنو ليث وحدها، وهم مئتان وخمسون، يحمل لواءها الصعب بن جثامة. فلما مر كبروا ثلاثاً، فقال: من هؤلاء قال: بنو ليث. ثم مرت أشجع وهم آخر من مرّ، وهم ثلاث مئة، معهم لواءان: لواء يحمله مَعْقِل بن سنان، ولواء من نُعَيم بن مسعود، فقال أبو سفيان: هؤلاء كانوا شدَّ العرب على محمد، فقال العباس: أدخل الله الإسلام قلوبهم، فهذا من فضل الله، فسكت ثم قال: ما مضى بعد محمد؟ قال العباس: لم يمض بعد. لو رأيت الكتيبة التي فيها محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأيت الحديد والخيل والرجال، وما ليس لأحد به طاقة. قال: أظن - والله - يا أبا الفضل، ومن له بهؤلاء طاقة؟ فلما طلعت كتيبة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخضراء طلع سواد وغبرة من سنابك الخيل، وجعل الناس يمرون. كل ذلك يقول: ما مرّ محمد؟ فيقول العباس: لا حتى مرّ يسير على ناقته القصواء بين أبي بكر وأُسيد بن حَضير وهو يحدثهما، فقال العباس: هذا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كتيبته الخضراء، فيها المهاجرون والأنصار، فيها الرايات والألوية، مع كل بطن من الأنصار راية ولواء، في الحديد، لا يُرى منهم إلا الحدق، لعمر بن الخطاب رضي الله عنه فيها زجل - وعليه الحديد - بصوت عال، وهو يَزعها، فقال أبو سفيان: يا أبا الفضل، من هذا المتكلم؟ قال: عمر بن الخطاب. فقال: لقد أمر أمْرُ بن عدي بعدّ - والله - قلةٍ وذلّة، فقال العباس: يا أبا سفيان، إن الله يرفع من يشاء، وإن عمر ممن رفعه الإسلام. ويقال: في الكتيبة، ألفا دارع واعطى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رايته سعد ابن عبادة فهو أمام الكتيبة كلما مرّ سعد براية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نادى: يا ابا سفيان، اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحلّ الحرمة، اليوم أذل الله قريشاً. فأقبل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى إذا حاذى بأبي سفيان، ناداه: يا رسول الله، أمرت بقتل قومك؟ زعم سعد ومن معه حين