من أوس الله أحد إلا أربعة نفر من بني خطمة: خزيمة بن ثابت بن الفاكه، وعمير بن عدي بن خرشة، وحبيب بن خُماشة، وحَميضة بن رُقَيم الخطميون. كلهم شهد أحداً وما بعدها من المشاهد، فلذلك ذهبت الخزرج بالعدة فيمن شهد بدراً.
وقيس بن أبي قيس بن الأسلت صحب سيدنا صحب سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشهد أحداً. ولم يزل في المشاهد حتى بعثه سعد بن أبي وقاص طليعة له حين خرج إلى الكوفة. فلم يدر حتى هجم على مَسلحة بالعُذَيب للعجم، فشدا عليه، فقاتلوه حتى قتل يومئذ.
وروى جماعة أن لم يكن أحد من الأوس والخزرج أوصف للحنيفية ولا أكثر مسألة عنها من أبي قيس بن الأسلت. وكان قد سأل مَن بيثرب من اليهود عن الدين فدعوه إلى اليهودية، فكاد يقاربهم ثم أبى ذلك، وخرج إلى الشام إلى آل جفنة، فتعرضهم فوصلوه. وسأل الرهبان والأخبار فدعوه إلى دينهم فلم يُرده وقال: لا أدخل في هذا أبداً، فقال له راهب بالشام: أنت تريد دين الحنيفية. قال أبو قيس: ذاك الذي أريد، فقال الراهب: هذا وراءك، من حيث خرجت دين إبراهيم، فقال أبو قيس: أنا على دين إبراهيم، وأنا أدين به حتى أموت عليه. ورجع أبو قيس: خرجت إلى الشام أسأل عن دين إبراهيم فقيل لي: هو وراءك، فقال له زيد بن عمرو: قد استعرضت الشام والزيرة ويهود يثرب فرأيت دينهم باطلاً. وإن الدين دين إبراهيم: كان لا يشرك بالله شيئاً، ويصلي إلى هذا البيت، ولا يأكل ما ذبح لغير الله. فكان أبو قيس يقول: ليس أحد على دين إبراهيم إلا أنا وزيد بن عمرو بن نفيل. فلما قدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة وقد أسلمت الخزرج وطوائف من الأوس: بنو عبد الأشهل كلها، وظَفَر وحارثة، ومعاوية وعمرو بن عوف إلا ما كان من أوس الله وتيم وائل وبنو خطمة وواقف، وأمية بن زيد