للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع أبي قيس بن الأسلت، وكان رأسها وشاعرها وخطيبها، وكان يقودهم في الحرب. وكان قد كان أن يسلم، وذكر الحنيفية في شعره. وكان يذكر صفة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما تخبره به يهود، وأن مولده بمكة ومهاجره يثرب. فقال بعد أن بعث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هذا النبي الذي بقي وهذه دار هجرته.

فلما كانت وقعة بعاث شهدها. وكان بين قدوم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ووقعة بعاث خمس سنين. وكان يُعرَف بيثرب، يقال له الحنيف. فلما قدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة قيل له: يا أبا قيس: هذا صاحبك الذي كنت تصف. قال: أجل، قد بُعث بالحق. وجاء إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال له: إلام تدعو؟ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، وذكر شرائع الإسلام. فقال أبو قيس: ما أحسن هذا وما أجمله! أنظر في أمري ثم أعود إليك، فكاد يسلم، فلقيه عبد الله بن أُبيّ فقال: من أين؟ فقال: من عند محمد. عرض علي كلاماً ما أحسنه! وهو الذي كنا نعرف، والذي كانت أحبار اليهود تخبرنا به، فقال له عبد الله بن أبي: كرهت والله حرب الخزرج. قال: فغضب أبو قيس وقال: والله لا أسلم سنة. ثم أنصرف إلى منزله، فلم يعد إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى مات قبل الحول. وذلك في ذي الحجة على رأس عشرة أشهر من الهجرة.

وروي عن أشياخهم أنهم كانوا يقولون: لقد سُمع يوحّد عند الموت.

وأبو قيس بن الأسلت هو القائل: " السريع "

مَن يذقِ الحربَ يجدْ طعمها ... مرّاً وتتركْهُ بجَعجاعِ

قد حصَّت البيضة رأسي فما ... أطعمَ نوماً غير تهجاع

أسعى على جل بني مالك ... كل امرىءْ في شأنه ساع

ليس قطاً مثلُ قُطَيٍّ ولاال ... مَرْعِيُّ في الأقوام كالراعي

<<  <  ج: ص:  >  >>