وفرقوا جيوشهم، وكان الأحنف معهم، ففزع الناس، فكان أول من ركب الأحنف ومضى نحو الصوت وهو يقول:" الرجز "
إنَّ على كلّ رئيسٍ حقّا ... أن يخضِب الصَّعدة أو تندقّا
ثم حمل على صاحب الطبل فقتله، وانهزم العدو، فتقلوهم وغنموا، وفتحوا مدينة يقال لها: مَرْوُروذ. قالوا: ثم سار الأحنف بن قيس بن مروروذ إلى بلخ فصالحوه على أربع مئة ألف. ثم أتى خوارزم ولم يُطقها فرجع.
كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري: أما بعد. فائذن للأحنف بن قيس، وشاوره، واسمع منه.
قيل للأحنف بن قيس: من أين أُوتيت ما أوتيت من الحلم والوقار؟ قال: بكلمات سمعتهن من عمر بن الخطاب. سمعت عمر يقول: يا أحنف، من مَزح استُخف به، ومن ضحك قلّت هيبته، ومن أكثر من شيء عُرف به، ومن كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قلّ حياؤه، ومن قلّ حياؤه قلّ ورعه، ومن قلّ ورعه مات قلبه.
قال الحسن: ما رأيت شريف قوم كان أفضل من الأحنف.
ذكر عمرُ بني تميم فذمهم، فقال الأحنف بن قيس: يا أمير المؤمنين، ائذن لي فلأتكلم. قال: تكلم. قال: إنك ذكرت بني تميم فعممتهم بالذم، وإنما هم من الناس، فيهم الصالح والطالح، فقال: صدقت، وقفّى بقولٍ حسن، فقام الحُتات - وكان يناوئه - فقال: يا أمير المؤمنين، ائذن لي فلأتكلم. قال: أجلس، فقد كفاكم سيدكم الأحنف.
قال سفيان: ما وُزن عقل الأحنف بعقل أحد إلا وزنه.
قيل للأحنف بن قيس: بأي شيء سوّدك قومك؟ قال: لو عاب الناس الماء لم أشربه.