فلما سرنا يوماً أو يومين أمرنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نتعادّ، فإذا نحن ثلاث مئة وثلاثة عشر رجلاً، فأخبرنا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعدتنا، فسُرّ بذلك، وحمد الله، وقال: عدة اصحاب طالوت.
وعن عبد الله بن عمرو
أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج يوم بدر بثلاث مئة وخمسة عشر من المقاتلة، كما خرج طالوت، فدعا لهم حين خرج: اللهم، إنهم حفاة فاحملوهم، اللهم، إنهم عراة فاكسُهم، اللهم، إنهم جياع فأطعمهم. ففتح الله يوم بدر، فانقلبوا حين انقلبوا، وما منهم رجل إلا بجمل أو جملين، واكتسَوا وشبعوا.
قال وهب بن منبه: لما تقدم داود أدخل يده في مخلاته، فإذا تلك الحجارة الثلاثة صارت حجراً واحداً. قال: فأخرجه، فوضعه في مقلاعه، وأوحى الله إلى الملائكة أن أعينوا عبدي داود، وانصروه. قال: فتقدم داود وكبّر. قال: فأجابه الخلق غير الثقلين: الملائكةُ وحملَةُ العرش فمن دونهم، فسمع جالوت وجنده شيئاً ظنوا أن الله قد حشر عليهم أهلّ الدنيا، وهبت ريح، وأظلمت علهيم، وألقت بيضة جالوت، وقذف داود الحجر في مقلاعه، ثم أرسله، فصار الحجر ثلاثة، فأصاب أحدها جبهة جالوت، فنفذها منه فألقاه قتيلاً، وذهب الحجر، فأصاب ميمنة جند جالوت، فهزمهم، والثالث أصاب الميسرة، فهزمهم. وظنوا أن الجبال قد خرّت عليهم، فولُّوا مدبرين، وقتل بعضهم بعضاً. ومنح الله بني إسرائيل أكتافهم حتى أبادوهم، وانصرف طالوت ببني إسرائيل مظفراً، قد نصرهم الله على عدوهم، فزوج ابنته من داود، وقاسمه نصف ماله. وكان لا يرى رأيه، فاجتمعت بنو إسرائيل فقالوا: نخلع طالوت، ونجعل علينا داود، فإنه من آل يهوذا، وهو أحق بالملك من هذا. فلما أحسّ طالوت بذلك وخاف على ملكه أراد أن يغتال داود فيقتله، فأشار عليه بعض وزرائه أنك لا تقدر على قتله إلا أن تساعدك ابنتك، فدخل طالوت على ابنته فقال لها: يا بُنّيَّة، إني أريد أمراً أحب أن تساعديني عليه. قالت: وما ذاك يا أبه؟ قال: إني أريد أ، أقتل داود، فإنه قد فرّق عليّ الناس، واختلفوا، فقالت: يا أبه، زعمت أنك تريد أن تقتل داود لما قد أفسد عليك، وأعلم أن داود رجل له