حدَّثوا لم يكذِبوا، وإن حدثتهم بحق أو بباطل لم يكذِّبوك: أبو بكر الصديق، وعثمان بن عفان، وأبو عبيدة بن الجراح، ورضي الله عنهم.
وكان أبو بكر رضي الله عنه ولّى أبا عبيدة بيت المال، ثم وجهه للشام، ففي سنة ثلاث عشرة بويع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فعزل خالد بن الوليد عن الشام وولّى أبا عبيدة. وفي سنة أربع عشرة فتحت حمص وبعلبك صلحاً على يدي أبي عبيدة، في ذي القعدة، ويقال: في سنة خمس عشرة.
وقال ابن الكلبي:
صالح أبو عبيد أهل حلب، وكتب لهم كتاباً، ثم شخص أبو عبيدة وعلى مقدمته خالد بن الوليد فحاصر أهل إيلياء، فسألوه الصلح على أن يكون عمر هو يعطيهم ذلك، ثم وقع طاعون عَمَواس فمات أبو عبيدة، واستخلف معاذاً.
وعن أبي عبيدة بن الجراح قال: ذكر لي من دخل عليه فوجده يبكي فقال له: ما يبكيك يا أبا عبيدة؟ فقال: يبكيني أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر يوماً ما: يفتح الله على المسلمين، ويفيء عليهم حتى ذكر الشام، فقال: إن ينسِىء الله في أجلك يا أبا عبيدة فحسبك من الخدم ثلاثة، خادم يخدمك، وخادم يسافر معك، وخادم يخدم أهلك ويَرِه عليهم. وحسبك من الدوابّ ثلاثة: دابة لرجلك، ودابة لثقَلك، ودابة لغلامك. ثم هذا أبا، أنظر إلى بيتي قد امتلأ رقيقاً، وأنظر إلى مربطي قد امتلأ خيلاً ودوابً، فكيف ألقى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد هذا، وقد عهد إلينا، وأوصانا، فقال: إنّ أحبَّكم إليّ وأقربكم مني مَن لقيني على مثل الحال التي فارقني عليها؟! هذه رواية، وهي منقطعة، والمحفوظ أن أبا عبيدة رضي الله عنه كان متقللاً.
حدث هشام بن عروة عن أبيه قال: قدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه الشام فتلقاه أمراء الأجناد، وعظماء أهل الأرض