فقاتلهم الحارث حتى قتل منهم اثنين، ثم أخذوه فأسروه، وأسروا عمرو بن أمية، وقالوا للحارث: ما تحب أن نصنع بك؟ فإنا لا نحب قتلك، فقال: أبلغوني مصرع المنذر وحرام، وبرئت مني ذمتكم، فبلغوه به، ثم أرسلوه، فقاتلهم، فقتل منهم اثنين، ثم قتل، فما قتلوه حتى شرعوا له الرماح فنظموه فيها. وقال عامر بن الطفيل لعمرو بن أمية، وهو أسير في أيديهم ولم يقاتلهم: إنه قد كانت على أمّه نَسمة فأنت حرّ عنها، وجزّ ناصيته. فلما جاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خبر بئر معونة جاء معها في ليلة واحدة مُصابهم ومُصاب مَرْثَد بن أبي مَرثَد، وبَعْث محمد بن مسلمة، فجعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: هذا عمر أبي براء. قد كنت لهذا كارهاً.
ودعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قَتَلتهم بعد الركعة من الصبح، في صبح تلك الليلة التي جاءه الخبر. فلما قال: سمع الله لمن حمده قال: اللهم، اشدُد وطأتك على مضر، اللهم، عليك ببني لحيان وزعْب ورِعْل وذكوان وعُصَيّة، فإنهم عَصُوا الله ورسوله، اللهم، عليك ببني لحيان وعَضَل والقارة، اللهم، أَنْجِ الوليد بن الوليد، وسَلَمة بن هشام، وعيّاش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين. غِفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله، ثم سجد، فقال ذلك خمس عشرة ليلة، ويقال: أربعين يوماً، حتى نزلت هذه الآية:" لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيءٌ أَو يَتُوبَ عَلَيْهِمْ " الآية. وكان أنس بن مالك يقول: يا رب، سبعين من الأنصار يوم بئر معونة. وكان أبو سعيد الخدري يقول: قُتل من الأنصار في مواطن سبعين، سبعين يوم أحد سبعون، ويوم بئر معونة سبعون، ويوم