ولمَ يَجِدْ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قتلى ما وجد على قتلى بئر معونة. وكان أنس يقول: أنزل الله فيهم قرآناً قرأناه حتى نسخ: بلّغوا قومنا أنا لقينا ربنا، فرضي عنا، ورضينا عنه.
قالوا: وأقبل أبو براء سائراً، وهو شيخ هِمّ كبير، فبعث من العيص ابن أخيه لبيد بن ربيعة بهديةٍ فرسٍ، فردّه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: لا أقبل هدية مشرك، فقال لبيد: ما كنت أظن أن أحداً من مضر يردّ هدية أبي براء، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لو قبلت هدية مشرك لقبلت هدية أبي براء، قال: فإنه قد بعث يستشفيك من وجع به، وكانت بد الدُّبَيْلة فتناول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جبوبة من الأرض، فتفل فيها ثم ناوله وقال: دُفْها بماء ثم اسقها إياه، ففعل فبرأ. وقال إنه بعث إليه بعكة عسلٍ، فلم يزل يلعقها حتى برأ. فكان أبو براء يومئذ سائراً في قومه يريد أرض بَلِي "، فمرّ بالعيص، فبعث ابنه ربيعة مع لبيد يحملان طعاماً، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لربيعة: ما فعلت ذمة أبيك؟ قال ربيعة: نقضتها ضربة بسيف أو طعنة برمح، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نعم، فخرج ابن أبي براء فخبر أباه فشقّ عليه ما فعل عامر بن الطفيل، وما صنع بأصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا حركة به من الكبر والضعف، فقال: أخفرني ابن أخي من بين بني عامر، وسار حتى كانوا على ماء من مياه بَلِيّ يقال له الهُدُم، فركب ربيعة فرساً له، ويلحق عامراً وهو على جمل له، فطعنه بالرمح، فأخطأ مقاتله، وتصايح الناس، فقال عامر بن الطفيل: إنها لم تضرني، إنها لم تضرني، وقال: قضيت ذمة أبي براء. فقال عامر بن الطفيل: قد